كثيرون منّا قد تربّوا على ثقافة “الحصّالة”، وهي العلبة المعدنية أو الفخارية المحكمة الإغلاق، والمخصصة لادّخار المال القليل المقتطع من مصروف الطفل اليومي، بهدف شراء لعبة، أو كتاب، أو زيارة حديقة الملاهي، وفي كثير من الأحيان لا يكون ذلك أكثر من تدريب على إدارة المال، تريد الأمهات تمريره لأبنائهنّ. حيث يبدو بعد ذلك أنّنا كلما تقدمنا في العمر، تصبح حاجتنا إلى ثقافة ادّخار المال أكبر.
ذلك أن المتطلبات المالية للحياة والمسؤوليات تزيد ولا تنقص مع كل سنة تنقضي، ومع كل فرد يزداد في العائلة. والحاجة إلى ادّخار وإدارة المال بالطبع تنسحب على البشر جميعاً وفي كل حالاتهم، إذ لا شيء يضمن المستقبل غير التخطيط الجيد له، ويفيدنا أن نتذكر ما كان يقوله أجدادنا: القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود.
مقالات مميزة: “الفوركس” سوق تداول العملات الأكثر سيولةً في العالم
وإلى يومنا هذا قضى الباحثون أوقاتاً طويلة في دراسة أهمية أساليب الإدخار المالي التي اعتمدها البشر على طوال مسيرتهم، ودراسة الأشياء الأكثر إلحاحاً، التي علينا الانتباه إليها في أبكر ما يُمكن من عمرنا، كي يُتاح لنا الموازنة المالية بين متطلّبات الحاضر والآتي على حدّ سواء.
5 أمور عليك ادّخار المال من أجلها
لاشك أنّنا جميعاً ندرك أهمية هذه العادة وضرورتها بشكل مستمرّ، لكننا أحياناً ندرك ذلك بعد فوات الأوان، أو لا نكون واعين لأهمية إدراك جميع النواحي التي علينا الادّخار لأجلها، بما لا يؤثر على استمتاعنا بأموالنا في الوقت الحاضر. هنا 5 من أبرز الأمور التي علينا الادّخار من أجلها في وقت مبكّر من العمر:
أولاً، فترة التقاعد
لابد أنّ الكثيرين يهملون هذا الأمر، وبشكل خاص ممن لديهم وظائف تستمر أجورها بشكل جزئي في فترة التقاعد، لكن التساؤل، هل يمكن أن تغطي هذه الأجور ظروفاً استثنائية كالمرض مثلاً؟
ثانياً، حالات الطوارئ
وتشمل الكثير من الظروف التي يمكن أن تظهر دون سابق إنذار أو تحضير، ولابد أنّ يتّصف المال المُدخر لهذه الحالات بسهولة الوصول إليه في الحالات المستعجلة، وينصح الخبراء في هذا المجال بالادخار في حسابات التوفير الإلكتروني.
ثالثاً، الادخار للمصاريف القادمة
وهي المصاريف التي تأتي بشكل دوري ثابت، كسداد الأقساط المترتبة عليك، للجامعة أو السيارة أو المنزل أو الأطفال، وغيرها من الأسباب.
رابعاً، الادّخار من أجل الرفاهية
وهو الادخار بهدف الحصول على الأشياء غير الضرورية، لكنك تودّ الحصول عليها دون أن يؤنبك ضميرك لو قمت بشرائها عبر التقسيط لدفعات أو القروض. احرص على جعل المال المخصص لهذا الجانب يبقى لخدمة الترفيه، وألّا يتحول إلى كابوس مع مرور الوقت.
خامساً، الادخار من أجل النمو
وهذا الادّخار الذي يمكنك تخصيصه لتحقيق أحلامك المهنية كبدء مشروعك الخاص، أو التطوير من مهنتك عبر الحصول على شهادات أكاديمية جديدة أو اتّباع دورات تدريبية تؤهلك للترقي إلى مناصب مهنية أعلى.
كيف تزيد قدرتك على ادخار المال؟
هناك الكثير من النصائح الفعالة في تدعيم قدراتنا على الادخار، وليس خفياً أنّه حتى لو كان الادخار في جوانب ضئيلة من مصاريفنا اليومية، إلا أنّه يؤتي نتيجة كبيرة على المدى الطويل، وهناك قوائم طويلة من أفكار الادّخار تحفّزنا على إيجاد أفضل الطرق وأكثرها ملاءمة لخصوصية حياتنا.
تبدأ هذه الأفكار في الحصول على سكن مشترك للتقليل من مصاريف الإيجار، واستخدام وسائل النقل العام أو الدراجة، وفصل الأجهزة الكهربائية غير المستخدمة عن التيار الكهربائي، وليس أخيراً عدم التسوّق أثناء الشعور بالجوع أو خلال ساعات الصيام في شهر رمضان، إذ تقول إحصاءات أنّ التسوّق أثناء الجوع يجعل الفرد يشتري أكثر من حاجته!
تعرف على: مبادئ العمل في البورصة من البداية
بالطبع كل هذه الأفكار تفيدنا وتلهمنا إلى المزيد من الادخار، لكن أولاً علينا دائماً تنظيم أمورنا المالية، بدءاً من تسجيل كافة نفقاتنا اليومية أو الشهرية أو السنوية، ومن ثم وضع ميزانية تقريبية لكل منها، وبعد ذلك البدء بالتخطيط لادّخار المال بناءً على تحديد الأمور التي نرغب ونحتاج إلى الادّخار لها على المدى القصير (من سنة إلى 3 سنوات) أو المدى الطويل (بعد 3 سنوات أو أكثر).
عليك تحديد أولوياتك في المصاريف والادخار واختيار الأسلوب الأنسب للادخار من أجل كل موضع منها. فمثلاً للادخار على المدى الطويل، من الأفضل دائماً اختيار أسلوب ادّخار صعب الوصول إليه، مثل الودائع أو صناديق الاستثمار المشترك، حيث يصبح لديك متسعاً من الوقت للتفكير قبل الإقدام على سحب أموالك المُدّخرة بهذه الطريقة.
كما بإمكانك جعل الادخار تلقائي، حيث يمكنك عند وضع أموالك في البنك، اختيار ميزة التحويل التلقائي لجزء من المال إلى حساب التوفير الخاص بك، ويمكنك اختيار كم ومتى تريد نقل المال إلى هذا الحساب الذي كما افترضنا، سيكون من الصعب الوصول إليه عبر بطاقات الصراف الآلي أو حتى الانترنت.