بعد تسجيلها لارتفاع مُلفت في أرباحها خلال النصف الأول من العام، أعلنت شركة مبادلة للاستثمار في أبو ظبي، أنّها تبحث المزيد من فرص الاستثمار في صندوق رؤية سوفت بنك، الذي يتّخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرّاً رئيسياً له.
وجاء تصريح شركة مبادلة في هذا المجال أيضاً، بعد أن أعلن صندوق “رؤية سوفت بنك”، أنه قد جمع أكثر من 93 مليار دولار حتى شهر مايو/أيار الماضي، للاستثمار في مجالات الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الروبوتات، ليصبح أكبر صندوق استثمار مباشر في العالم، مع اقترابه اليوم من تحقيق هدفه باستثمار 100 مليار دولار في مجال التكنولوجيا المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والروبوتات.
ويحتوي هذا الصندوق الذي يُعتبر حصيلة شراكة بين صندوق الثروة السيادية في المملكة العربية السعودية وبنك سوفت بنك في اليابان، على مستثمرين آخرين إلى جانب شركة مبادلة الإماراتية، مثل شركات: آبل الأميركية، شارب اليابانية، وكوالكوم وفوكسكون التايوانية للتكنولوجيا. ويستثمر في مجالات التكنولوجيا الحديثة المرتبطة بتقنيات إنترنت الأشياء iOT، والذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والحوسبة، والبنية التحتية الرقمية، والاتصالات عن بعد ومجال التقنية الحيوية، إضافة إلى حلول الحوسبة السحابية وبرمجياتها، والحلول التقنية الرقمية وغيرها.
ما المجالات التي تبحث شركة مبادلة عن فرص استثمارية فيها؟
تعتبر شركة مبادلة للاستثمار، حصيلة اندماج شركتي “الاستثمارات البترولية الدولية آيبيك، وشركة مبادلة للتنمية”، وهي مملوكة حالياً بشكل كامل لحكومة أبو ظبي، وتعمل في مجالات استثمار عديدة، مثل الطيران، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، المعادن، الطاقة النظيفة، وقطاع الهيدروكربونات وإدارة الأصول المالية المتنوّعة، وذلك ضمن جهود دولة الإمارات لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على القطاع النفطي، الذي تملك العاصمة أبو ظبي حوالي 6% من الاحتياطي العالمي منه.
وقد حققت الشركة خلال النصف الأول من هذا العام وحده، إيرادات بقيمة 83.4 مليار درهم إماراتي، مقارنة بـ72.9 مليار درهم للفترة نفسها من عام 2016.
وأعلن الرئيس التنفيذي للشركة خلدون المبارك أخيراً، أنّ مبادلة للاستثمار تبحث في الوقت الحالي عن فرص استثمارية جديدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والتجارة الإلكترونية، وذلك ضمن صندوق رؤية سوفت بنك، بعد أن استكملت الشركة صفقات تجارية بلغت الـ20، منذ دخولها في شراكة مع صندوق رؤية سوفت بنك.
ويضيف المبارك أنّ شركة مبادلة وجدت في مجموعة سوفت بنك فيجن الشريك المثالي للاستثمار، حيث أنّه يملك سجّلاً تجارياً ممتازاً، إضافة إلى المستثمرين الآخرين النوعيين والقيم الصحيحة والملائمة، حيث يسعى الصندوق منذ تأسيسه إلى تعزيز الاستثمارات في القطاع التقني على مستوى العالم، وقد جاء حصيلة تعاون بين بنك سوفت بنك الياباني وصندوق الاستثمارات العامة السعودي، ضمن خطط المملكة السعودية لتنويع الاقتصاد في خدمة استراتيجية رؤية المملكة للعام 2030.
أسباب تدفع الشركات إلى الاستثمار في الذكاء الاصطناعي
لا يبدو اهتمام الاقتصادات العالمية في الذكاء الاصطناعي اليوم قادماً من فراغ، بل مبنياً بشكل مدروس على المستقبل المُبهر الذي تَعدنا به تقنياته الحديثة المتوالية يوماً بعد يوم. إذ أشار مكتب الدراسات الاستراتيجية في شركة إي دي أس سيكيوريتيز، في تقرير له إلى أنّ مستقبل الذكاء الاصطناعي يُثبت نفسه اقتصادياً بشكل مستمر، حيث حجم الاستثمارات في مختبرات الكريبتون وصلت حتى اليوم إلى أكثر من 5 تريليونات دولار.
ويُشير التقرير إلى أنّ هذه الأرقام الحالية تتجاوز بكثير التوقعات الصادرة منتصف هذا العام عن أكاديمية برايس ووتر هاوس كوبرز، والتي توقّعت وصول مساهمة الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد الدولي إلى حوالي 15.7 تريليون دولار بدءاً من هذا العام وحتى 2030. بينما تُشير البيانات التي سجّلها الذكاء الاصطناعي بشكل إجمالي لهذا العام، تُشير إلى أنّ المساهمة الاقتصادية للذكاء الاصطناعي ستصل إلى 6.6 تريليون دولار من زيادة المعدلات الإنتاجية، و9.1 تريليون دولار نتيجة زيادة الجوانب الاستهلاكية مع زيادة مستوى جودة الإنتاج في المقابل.
كما يُشير التقرير إلى أنّ الأنظمة المالية ستعمل في المستقبل على إدارة الاستثمارات والتداولات برفقة نسبة أقل من المخاطر، أما العمليات الجراحية فستكون محسوبة بدقة عالية وستحفظ أرواح المزيد من البشر، فيما ستكون صناعة المنتجات والسيارات أكثر فاعلية وأقل كلفة، إلى جانب توقع قدرة البشر على التحصيل العلمي بشكل أسرع وأسلس وأقل تكلفة.
ولهذا تبدو نية الاقتصادات العالمية في الاستثمار بهذا المجال مبررة وواعدة، حيث وعلى الصعيد المحلي تبدو كل من الإمارات العربية والمملكة السعودية جدّيتان في هذا المجال، مع بدء امتلاك بنية تحتية تكنولوجيا مُعتمدة بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي، فيما تتطلع استراتيجيات البلدين إلى تطوير هذه البنية وزيادة الاعتماد عليها في القادم من الأيام، مع توقّعات انتهاء عصر النفط الذي يعتمد عليه اقتصاد البلدين، قبل انتهاء كميات النفط فيهما بفترة طويلة وقريبة نسبياً.