ثلاجة السيسي: أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري احتجاج بلاده على ما اعتبره سخرية الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وكان مدني أخطأ عند قراءة اسم الرئيس التونسي باجي القايد السبسي ليلفظه السيسي عوضاً عن ذلك، وعاد ليستدرك بتصحيح الاسم والقول ” أعتقد أن ثلاجتكم تحوي أكثر من الماء سيدي الرئيس” في إشارة واضحة لما قاله السيسي ضمن مؤتمر جرى منذ أيام في القاهرة.
السيسي كان قد قال في مؤتمر للشباب المصري في معرض حديثه عن الأوضاع الاقتصادية السيئة أنه قد “قضى عشرة سنوات لا يوجد في ثلاجته سوى الماء، دون أن يسمع أحد صوته” مما أثار ردود فعل واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي تراوحت بين السخرية والغضب.
رد الفعل المصري اعتبر أن مدني تعمد إهانة مصر ورئيسها، واعتبر على لسان وزير الخارجية سامح شكري أن مصر “سوف تراجع موقعها تجاه سكرتارية المنظمة بعد الإهانة التي وجهت إلى رئيسها.
الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي رد في بيان أصدره أن “كلامه لم يكون سوى مزحة قائمة على الحس الفكاهي، ولم تحمل أي قصد لإهانة القيادة المصرية متمثلة بالرئيس عبد الفتاح السيسي”، وأكد مدني على أهمية دور مصر في المنظمة وشعبها العظيم ومكانتها الكبيرة في قلوب العرب والمسلمين، بحسب قوله.
إلى أين يتجه الاقتصاد المصري؟
قضية “ثلاجة السيسي” ليست أول تصريح غريب يصدر عن السيسي، إذ سبق له في خطاب سابق أن طلب من المواطنين المصريين أن يحتفظوا بالعملات المعدنية (الفكة) للتبرع بها لمصر! كما طلب من المصريين أن يتبرعوا يومياً بمبلغ جنيه واحد للحكومة عبر هواتفهم ضمن ما عرف بحملة (صبح على مصر بجنيه).
بغض النظر عن غرابة تلك التصريحات والطلبات واختلاف أسمائها فإنها تشير إلى حقيقة واحدة مؤكدة يعيشها كل المصريون اليوم وهي أن الاقتصاد المصري في مرحلة حرجة وعلى وشك الانهيار.
فمنذ شهرين بدأ صندوق النقد الدولي مساعيه لإنقاذ الاقتصاد المصري، حيث أعلن أن فريقاً تابعاً له عرض على مصر قرضاً بقيمة 12 مليار دولار لمدة ثلاث سنوات، ولكن بالنظر إلى السنوات الثلاث الماضية يمكن القول إنها أموال سترمى على الأرض!
فمصر حصلت في السنوات الثلاث الماضية على مليارات الدولارات من المساعدات خصوصاً من دول الخليج وعلى رأسها السعودية، لكن لا يبدو أن هناك أي تأثير لتلك المساعدات على الوضع الاقتصادي للبلاد.
الأرقام الرسمية لمعدلات البطالة تظهر أن 13% من الشعب المصري عاطل عن العمل، ويصل الرقم إلى ضعف ذلك عند فئة الشباب، فيما بلغ عجز الميزان التجاري نسبة 7% من الناتج المحلي الإجمالي وبلغ عجز الميزانية 12% من الناتج المحلي الإجمالي.
القطاع السياحي كذلك تضرر بشكل هائل خصوصاً بعد أزمتي إسقاط الطائرة الروسية في مصر، وسقوط طائرة تابعة للطيران المصري في البحر المتوسط، إذا انخفض عدد السياح القادمين إلى مصر إلى مليون سائح في سنة 2015 وهو أقل عدد في السنوات العشرة الماضية، بل وإن عدد السياح في فترة الثورة عام 2011 كان ضعف هذا العدد.
ولأجل أن تزداد الأوضاع سوءاً فإن الجنيه المصري يواجه هبوطاً شديداً في تداولاته مقابل العملات الأجنبية وخاصة الدولار الأمريكي، ليصل إلى مستوى 18 جنيه، كما انخفض الاحتياطي الرسمي إلى 15.6 مليار دولار وهو أقل مستوى منذ عام 2007.
السيسي هو المسؤول الأول
يستطيع البعض أن يرمي المسؤولية في الوضع الكارثي للاقتصاد المصري على مشاكل قطاع السياحة والذي يعتبر هاماً وحيوياً، لكن ذلك لن يكون سوى هروباَ من معرفة المسؤول الحقيقي وهو الرئيس السيسي وإدارته.
السيسي قام بتبديد أموال المساعدات على مشاريع ضخمة أثارت الشكوك لدى خبراء الاقتصاد، وأبرز تلك المشاريع كان التوسعة الكبيرة لقناة السويس والتي كلفت الكثير من الأموال التي كان من الممكن أن تصرف على البنية التحتية للبلاد، ويبدو أن المشروع قد فشل وخطط السيسي لبناء عاصمة جديدة تكلف 45 مليار دولار قد ألغيت أيضاً.
إدارة السيسي لم تف كذلك بأي من وعودها للمصريين بإجراء إصلاح اقتصادي، بل أجرت أكثر من قطع على الوقود والإعانات الزراعية، إضافة لزيادات في الضرائب ورفع جمارك الكثير من الواردات، والآن صندوق النقد الدولي يطالب السيسي بفرض ضريبة قيمة مضافة لمحاولة موازنة العملة.
اليوم أكثر من ربع سكان مصر البالغ عددهم 90 مليون يعيشون تحت خط الفقر، ونفس النسبة من البالغين تعاني من الأمية والوضع كارثي بمعنى الكلمة، فالسيسي نفسه اعترف عام 2014 بحاجة مصر لـ 30 ألف معلم جديد وعوضاً عن صرف الأموال في تطوير القطاع التعليمي تم صرفها في مشروعات ضخمة فاشلة.
صندوق النقد الدولي أكد أن مصر بحاجة اليوم لعمل شاق لا يمكن إنجازه دون قرض كبير ومساعدات من دول الخليج، شرط أن يتم التأكد من أن الدولة المصرية سوف تستثمر الأموال في البنية التحتية الأساسية: التعليم، وبناء الطرق ومصادر تزويد المياه خصوصاً أن مصر تعاني خطر انتهاء موارد الماء في السنوات العشر القادمة.
الكثير يجب أن يتغير في مصر في الأيام القادمة لإنقاذ اقتصادها الذي يبدو أنه سيفقد حتى الماء من ثلاجته في حال استمر الوضع كما هو!