إذا كنت واحداً من الأشخاص الذي سبق لهم أن استخدموا قبضة جهاز الألعاب الشهير بلايستيشن فلا بد أنك قد جربت إحساس الاهتزاز الذي تعطيه تلك القبضة في مواقف معينة داخل اللعبة، وهذا يعني أنك سبق وقد جربت أحد أشكال تقنية اللمس!
تقنية اللمس Haptic تعمل على وضع مستقبلات في الأجهزة الإلكترونية للاستجابة لملمس البشرة والضغط الناتج عنها، كوسيلة إضافية للتعامل مع تلك الأجهزة عدا عن الوسائل السمع -بصرية ولوحات المفاتيح التقليدية.
اللمس والحركة لدى البشر تتعلق بآليات حسية وحركية معينة، والدماغ يقوم بتحليل تلك الاستجابات لمعرفة ما هو الجسم الملموس أو وضع الجسم، وهنا تعمل تقنية اللمس على إيهام الدماغ بملمس أو حركة معينة غير موجودة في الواقع، وتوجد الكثير من الاستخدامات لتقنية اللمس في مختلف المجالات.
أحد أبسط الأمثلة على تكنولوجيا اللمس هي لوحات المفاتيح الافتراضية التي نجدها في شاشات الهواتف الذكية، وحركات الاهتزاز عند استعمال لوحات المفاتيح هذه، كما نجد تقنية اللمس في مجال قيادة السيارات مثلاً عبر مقود السيارة المعتمد على تكنولوجية اللمس والذي يمكن أن ينبه السائق إلى سيارة قادمة من خارج مجال رؤيته، أو يرشده للاتجاهات عوضاً عن نظام GPS الصوتي.
كذلك في مجال الحوادث أو الكوارث تم تطوير قفاز يعتمد تكنولوجية اللمس ويساعد الغواصين على الشعور بالأجسام التي لا يستطيعون الوصول إليها تحت الماء، وهو ما يساعد بشكل كبير في إنقاذ ضحايا الفيضانات أو حوادث غرق السفن والقوارب وحتى سقوط الطائرات.
تقنية اللمس واستخداماتها الكثيرة على مجالات أرض الواقع شهدت تطوراً هائلاً مع بدء عصر الواقع الافتراضي VR الذي بدأ بتطوير تقنيات جديدة في مختلف المجالات تعتمد على تقنية اللمس وتدعى تقنية اللمس الافتراضية VR Haptics.
ما هي تقنية اللمس الافتراضية؟
بنفس مبدأ تقنية اللمس فإن تقنية اللمس الافتراضية تعمل على خلق وهم الملمس أو الحركة في الدماغ لجعل الشخص يشعر به، لكن الفرق الجوهري يكمن في أن بيئة تقنية اللمس الافتراضية هي بيئة افتراضية بالكامل.
أحد أبرز الأمثلة على استعمال تقنية اللمس الافتراضية في مجال الترفيه هي شركة Immersion التي قامت بتصميم برنامج TouchSense Force لمطوري الألعاب، ويسمح هذا البرنامج لمطوري ألعاب الفيديو بإدخال تقنية اللمس الافتراضية ضمن ألعابهم.
البرنامج يملك واجهة شبيهة ببرامج تعديل الفيديو والمونتاج أو برامج هندسة الصوت، ويمكن المبرمج من إدخال التأثيرات اللمسية الافتراضية وتحديد قوتها وامتدادها الزمني وسرعة دخولها وخروجها وتأثيرها على تجربة اللاعب في اللعبة.
الشركة قررت أيضاً تبني نفس التقنية في قبضة الألعاب الإلكترونية التي ستصدرها قريباً والتي لم تفصح بعد عن تفاصيلها أو اسمها التجاري، رغم أن العديد من مواقع التكنولوجيا استطاعت تجريبها دون السماح لها بالحصول على صور للمنتج.
غالباً سيستخدم المنتج الجديد في ألعاب إطلاق النار المعروفة باسم First-Person Shooter حيث تعطي القبضة إحساسات لمسية مختلفة عبر استخدام تقنية اللمس الافتراضية، حيث تختلف الإهتزازات من نوع سلاح لآخر كما يشعر اللاعب بارتخاء في ضغط المقبض حين يفرغ السلاح من الرصاص، وباختصار فإن هذه التقنية يتوقع لها أن تشكل ثورة في ألعاب الفيديو والترفيه.
بعيداً عن الترفيه فإن شركة Go Touch VR كان لها ابتكارها المختلف في مجال تكنولوجيا اللمس الافتراضية عبر جهاز Haptic Feedback والذي يهدف لمنح مستخدمي الواقع الافتراضي إحساساً افتراضياً باللمس إضافة للتجربة السمعية البصرية في الواقع الافتراضي.
جهاز Haptic Feedback هو عبارة عن جهاز صغير مصنوع من البلاستيك باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد ويوضع على رأس الأصبع ليمنح الأحاسيس اللمسية عبر محرك صغير في داخله.
التجارب الأولى للجهاز أظهرت إنجازاً كبيراً في هذا المجال حيث أكد العديد من الخبراء التقنيين أن الإحساس الذي يمنحه عند لمس الأجسام الافتراضية ومحاولة سحبها هو شعور شبيه بالشعور الحقيقي، ورغم أنه لا زال غير مثالي إلا أن شركة Go Touch VR قد قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال.
الوجه الآخر لتقنية اللمس الافتراضي
ضمن الاستخدامات الكثيرة التي يمكن توظيف تقنية اللمس فيها سواء في الترفيه أو التعليم أو غيره، ظهرت أصوات ضمن متابعي هذا المجال تدعو لتطوير تقنيات أقل ما يمكن وصفها بأنها مسيئة أو مخيفة!
جمهور بعض ألعاب الواقع الافتراضي والتي تتضمن القتال بالسيوف أو غيرها من الأسلحة ضد الخصوم طالبوا بإضافات تقنيات تدخل إحساس الألم الحقيقي ضمن اللعبة باستخدام تقنية اللمس الافتراضية، لدفع اللاعبين لأخذ اللعبة بجدية أكبر، ولجعلها أكثر حماسية!
اقتراح آخر تضمن وضع إحساس اللسعات والصدمات الكهربائية ضمن ألعاب الفيديو التي تعتمد على الواقع الافتراضي، ولا يمكن لعبها إلا باستخدام الجهاز الذي يفعل هذه الصدمات، في مثل هذه الحالات يصبح الأمر متجاوزاً للحدود ويحتوي على تعدي مباشر على جسم وشخصية اللاعب، حتى لو لم يكن هناك شخص آخر يقوم بهذا الاعتداء بشكل مباشر.
تقنية اللمس حالها كحال أي تكنولوجيا أمامها الكثير من الفرص والإمكانيات التي يمكن أن تقدمها لنا في المستقبل، وكذلك فإن إساءة استخدامها قد تحولها لأداة مؤذية تعرض الآخرين للضرر والإساءة.