أعلنت شركة فيرجن جالاكتيك للطيران الفضائي أن مركبتها SpaceShipTwo قد أتمت أولى رحلاتها بنجاح كامل، وأن فريق المركبة قد عاد سالماً وبنجاح تام إلى مركز الانطلاق في القاعدة الجوية ضمن مطار موجافي بكاليفورنيا.
المركبة التي تنتمي لنوع Dubbed VSS Unity تم رفعها عبر طائرة خاصة لذلك الغرض تدعى Whitekinihttwo VMS Eve ومن ثم تم تحريرها على ارتفاع شاهق، لتعود إلى سطح الأرض عبر أسلوب الطيران الشراعي الخاص بها بنجاح ودون أي أضرار، وذلك بحسب ما أعلنته الشركة على حسابها على موقع تويتر.
وأضافت الشركة أن وزن المركبة قد تم تخفيفه قدر الإمكان لكون هذه الرحلة الأولى لها، وأن هذا النجاح سيفتح الباب أمام تجارب أصعب وأكثر تعقيداً للطيران، وذلك قبل إطلاق المحرك الصاروخي للمركبة والذي يتوقع أن تبدأ تجاربه قريباً.
وشهدت عملية إطلاق مركبة فيرجن جالاكتيك حضور مؤسس المجموعة الضخمة ورائد الأعمال البريطاني ريتشارد برانسون والذي يعتبر واحداً من أكبر الداعمين لمشاريع السفر نحو الفضاء وواحد من أهم مؤسسي مشروع فيرجن جالاكتيك.
جاءت هذه التجربة بعد فشل ذريع واجهه مشروع فيرجن جالاكتيك في سنة 2014، حيثفشلت المركبة الفضائية SpaceShipOne في الإقلاع وتحطمت، ودفع مساعد الطيار في المركبة حياته ثمناً لذلك الفشل، فيما اعتبر المحققون أن سبب الحادث هو التسرع في استعمال الفرامل أثناء التجارب.
وكانت فيرجن جالاكتيك قد أطلقت مشروع عام 2004 واستطاعت إيصال أول مركبة فضائية خاصة نحو حافة الفضاء، كما أعلنت أنها ترغب في إطلاق رحلات فضائية خاصة تصل إلى 6 أشخاص في السنوات القليلة القادمة، ورغم التكلفة الكبيرة التي تبلغ 250 ألف دولار للشخص إلا أن أكثر من 600 شخص قد حجزوا في تلك الرحلات بينهم نجم السينما الأمريكي ليوناردو ديكابريو.
من هم فيرجن جالاكتيك ؟
لطالما كان غزو الفضاء والاستثمار فيه من الأحلام المتقدمة جدًا بالنسبة للدول الكبرى، قبل أن يتحول الأمر إلى نشاط تجاري يقوده القطاع الخاص. لكن الهدف الأساسي من مشروع فيرجن جالاكتيك الذي أطلقه ريتشارد برانسون كان تأسيس أول شركة للطيران الخاص نحو الفضاء بحيث لا تعود تلك التجربة الفريدة والتي نحلم بها جميعاً حكراً على المؤسسات الكبرى في أبحاث الفضاء، بل ليصبح الأشخاص الاعتياديون قادرين على تجربتها والاستمتاع بها.
ويتكون فريق العمل في شركة فيرجن جالاكتيك من المئات من علماء الفضاء والفيزياء والميكانيك فضلًا عن باقي العلوم التي تسهم في مجال عملها من مؤسسات عريقة مثل وكالة الفضاء الأمريكية ناسا وشركات طيران ضخمة مثل بوينغ ولوكهيد مارتن.
إضافة لذلك تقوم الشركة بالاعتماد على الفنيين والتقنيين لإنتاج مراكب وتقنيات قادرة على الاضطلاع بالمهمة الكبيرة الموكلة إليها والذين عملوا في مؤسسات وشركات لها سمعة عالمية، حيث أن فريق التجارب والأمان هو من العاملين السابقين في القوات الجوية الأمريكية والشركة المتحدة للطيران United Airlines.
وكان أول منتج للشركة مركبة SpaceShipOne التي أنتجت في عام 2004 وحققت إنجازاً بكونها أول مركبة فضائية خاصة تصل إلى حدود الفضاء بنجاح، وتتالت التجارب الخاصة بتطوير المركبة إلى أن تلقت ضربة قوية في عام 2014 نتيجة الحادث الذي أدى لوفاة مساعد أحد الطيارين.
لم يتوقف العمل في فيرجن جالاكتيك واستمر إلى أن أطلقت مركبة SpaceShipTwo في بداية عام 2016 وتمكنت من التحليق بنجاح باستخدام أسلوب الطيران الشراعي قبل البدء بأسلوب الطيران باستخدام المحركات الصاروخية.
وحاظ فريق العمل في الشركة على العديد من الجوائز تقديراً لعمله الذي بدأ منذ 12 عاماً، إذ نالت الشركة جائزة Ansari Xprize لبحوث الفضاء والتي تبلغ قيمتها 10 مليون دولار وذلك لاختراعها مركبة SpaceShipOne.
وتضم شركة فيرجن جالاكتيك كذلك العديد من الأشخاص والمؤسسات الذين يتشاركون الرؤية في مشروعها الخاص برحلات الفضاء التجارية، وعلى رأس هؤلاء شركة Land Rover البريطانية للسيارات، والتي ساهمت بشكل كبير في توفير خبراتها الهندسية والتي يبلغ عمرها أكثر من 65 عاماً لدعم عمل فيرجن جالاكتيك، وتصميم العديد من المحركات والآليات أثناء عمل الشركة في قاعدة موجافي الجوية.
كما تتعاون الشركتان في العديد من البحوث العلمية الخاصة بمؤسسة STEM والتي تدعم اليافعين في بحوث الفضاء والهندسة والتكنولوجيا وتشجعهم على تحقيق أحلامهم المستقبلية في اكتشاف الفضاء والسفر إليه.
أما الشريك الكبير الآخر لفيرجن جالاكتيك هي شركة Y-3 والتي تعتبر وليدة التعاون بين شركة أديداس العالمية للمنتجات الرياضية وأحد عمالقة التصميم في اليابان يوجي ياماموتو والتي بلغ عمرها 10 أعوام.
وتعتبر الشركة هي المسؤولة عن إنتاج كل ما يتعلق بالألبسة والتجهيزات التي يحتاجها العاملون في فيرجن جالاكتيك وكذلك الركاب الذين سيستقلون مركباتها في المستقبل نحو الفضاء الخارجي، فهناك البدلات الخاصة برحلات الفضاء الخارجي والتي تتمتع بنظام عزل وأمان خاص وكذلك البدلات التي يرتديها الفنيون والعاملون في مختبرات ومواقع التجارب الخاصة بشركة فيرجن جالاكتيك.
إعلان الشراكة بين فيرجن جالاكتيك وY-3 تم في شهر يناير من عام 2016 وفيه كشفت شركة Y-3 عن النموذج الأولي لبدلات الفضاء التي سيرتديها طيارو وركاب المركبات الفضائية الخاصة التابعة لفيرجن جالاكتيك.
كل تلك الجهود تجعل من فيرجن جالاكتيك شركة كبيرة ومشروعاً عالمياً يستحق الإعجاب الكبير والمديح الذي ناله من قبل العديد من علماء الفضاء المؤسسات البحثية والعلمية الكبرى، حيث رأى فيه الكثيرون خطوة إلى الأمام للبشرية جمعاء.
رواد الفضاء المستقبليون
Future Astronauts أو رواد الفضاء المستقبليون هو الاسم الذي اختارته فيرجن جالاكتيك للمنظمة التي تضم الكثير من الشباب والعلماء والباحثين المهتمين بمشروعها والتي تعتبر تجمعاً علمياً يبحث في تطوير أفكار الشركة وجعلها أكثر أماناً وقابلية للتطبيق في أسرع ما يمكن.
تتألف المجموعة من أفراد تتراوح أعمارهم ما بين 10 أعوام و90 عاماً! وينتمون لأكثر من 50 بلداً ويتحدثون لغات مختلفة وينتمون لثقافات مختلفة، ويجمعهم فكرة واحدة هي جعل السفر نحو الفضاء ممكناً للبشر العاديين وألا يعود مجرد حلم خيالي يراودهم منذ الرحلة الأولى للبشر نحو الفضاء.
يستطيع جميع الأفراد المنضمون لمجموعة Future Astronauts الاطلاع على أعمال فيرجن جالاكتيك وتفاصيل مشروعها وآخر تطوراته، كما أن الانضمام وانتقاء أفراد هذه المنظمة لا يتم بشكل عشوائي، بل يجب أن يكون الشخص من أصحاب المعرفة والاطلاع العلمي والاهتمام بمجال الطيران والسفر الفضائي، بغض النظر عن عمره أو جنسيته وهو ما يفسر وجود طفل عبقري يبلغ من العمر 10 أعوام في المجموعة!
يستطيع أعضاء المنظمة المشاركة والاطلاع على جميع التجارب والاختبارات التي تقوم بها الشركة بصحبة مؤسسها ريتشارد برانسون ولهم أولوية خاصة عندما تصبح تقنية السفر نحو الفضاء جاهزة حيث سيكونون من أوائل البشر الذين يستقلون الرحلات الخاصة نحو الفضاء.
وستعطي منظمة Future Astronauts وفيرجن جالاكتيك الفرصة للعديد من البشر الذين لم تشهد دولهم في تاريخها أي رحلة نحو الفضاء ليكونوا أول المواطنين في دولهم صعوداً نحو الفضاء، كما ستتيح الفرصة للعديد من الدول لإرسال أو امرأة من مواطنيها نحو الفضاء الخارجي.
يتوقع أن تشهد السنوات القادمة تقدماً كبيراً في مشاريع فيرجن جالاكتيك للسفر الخاص نحو الفضاء، وربما نشهد خلال السنوات القليلة القادمة أول رحلة خاصة نحو الفضاء، والتي قد تفتح الأبواب نحو مرحلة جديدة في التاريخ حيث يصبح بمقدور الجميع السفر نحو الفضاء والاستمتاع بتلك التجربة المذهلة.