أصدرت دولة الإمارات المتحدة مؤخراً مجموعة من القوانين الجديدة المحفّزة على اقتناء السيارات الكهربائية، وذلك في خطوةٍ نحو تخفيف التلوث والانبعاثات الكربونية الناجمة عن وسائل النقل بنسبة 16% في عام 2020، ومن هذه المحفزات ما صرّح به رئيس المجلس الأعلى للطاقة في دبي “سعيد الطاير” في مؤتمر عقد مؤخراً في دبي، من توفير شحن مجاني لها ابتداءً من 24 من شهر سبتمبر الجاري وحتى عام 2019، وذلك عن طريق 100 محطة شحن كهربائية موجودة في جميع أنحاء المدينة تابعة لشركة كهرباء دبي، ومن المقدر أن تصبح 200 محطة في العام القادم.
كما ستعفى هذه السيارات من رسوم تسجيل أو تجديد المركبة لدى هيئة الطرق والمواصلات، ومن رسوم ملصق الطريق “سالك” عند إصداره للمرة الأولى، فضلاً عن تخصيص مواقف مجانية بالكامل لها، وسيتم الإعلان عن محفزات أخرى في معرض “WETEX” خلال الشهر المقبل.
كما أعلن “الطاير” عن التعاون بين الهيئة العامة للكهرباء والماء في دبي من أجل توفير 32 ألف سيارة كهربائية بحلول عام 2020 و42 ألف سيارة بحلول عام 2030، وتأتي هذه التوجهات الجديدة من دولة الإمارات كنقلةٍ للاستفادة من مصادر متجددة للطاقة يمكن الاعتماد عليها مستقبلاً، فضلاً عن رغبة الدولة بجعل دبي مركزاً عالمياً للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر، وهو ما يعرف بمبادرة دبي للتنقل الأخضر.
كيف تتجه الإمارات نحو مصادر الطاقة المتجددة؟
شهدت البلدان المنتجة للنفط الخام في الشرق الأوسط توجهاً نحو زيادة أسهم الطاقة المتجددة، وذلك للمساعدة في الحد من استخدام النفط المحلي وللحفاظ على المزيد من النفط لتصديره، وبدأت في ذلك مدينة دبي التي تحتفظ بحوالي 6% من احتياطي النفط الخام في العالم، حيث قامت ببناء محطة عملاقة للطاقة الشمسية تبلغ قيمتها 1.2 مليار درهم (327 مليون دولار) وافتتحت أبو ظبي في عام 2014 أكبر محطة شمسية في العالم، كما تعتزم الإمارات استثمار 163 مليار دولار في مشروعات الطاقة المتجددة مستقبلاً، وذلك أملاً لتحقيق ما يأمله حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم وهو أن تحصل بلاده من هذه الطاقة على 44% من الكهرباء، و38% من الغاز، و12% محروقات نظيفة و6% من الطاقة النووية.
ويمكننا القول إن الإمارات تتجه نحو هذا النشاط بسبب المركز العالي الذي تحتله في ترتيب الدول الأكثر تسبباً في انبعاث ثاني أكسيد الكربون، مقارنةً بعدد السكان، بعد قطر والكويت والبحرين، ولكن هل تحقق السيارات الكهربائية الحماية التامة ضد تلوث البيئة.
السيارات الكهربائية بين السلبيات والإيجابيات
إن المزايا العديدة التي تتمتع بها السيارات الكهربائية في دبي كانعدام انبعاث الغازات الضارة منها ، وسهولة تشغيلها، وعدم إصدارها لأصوات مزعجة ، وسرعتها التي تقدر بـ 380 كيلومتر بالساعة، وبشحنها الذي يدوم 5 ساعات تقريباً، وتزويدها برادار وكاميرا مراقبة، والتشجيعات التي تقدمها الحكومة لاقتنائها، قد لا تكفي لجعلها الحل المثالي لحماية البيئة وذلك لعدة أسباب منها أن تشغيلها يعتمد على الكهرباء المستمدة من حرق الوقود الأحفوري، وهذا قد لا ينفع كثيراً في حماية المناخ، في الوقت نفسه يحتاج إنتاج السيارة الكهربائية لطاقة أكبر من السيارات التقليدية وهو أمر يرجع لبطارية السيارة المعقدة، والتخلص من هذه البطاريات بعد ذلك يمثل عبئاً على البيئة، ورغم عدم انبعاث غازات ضارة من السيارة الكهربائية أثناء سيرها على الطريق، إلا أن هذه الغازات تنبعث من المفاعلات التي تقوم بتوليد الكهرباء اللازمة لتشغيل السيارة.
كما أن إنتاجها يحتاج لمعادن مثل النحاس والكوبالت والنيوديميوم النادر، التي تستخرج بعمليات لا تخلو من الإضرار بالبيئة، وهنالك أيضاً توقعات بزيادة الكثافات المرورية ناجم عن استخدامها بشكل أكبر وهو ما حذر منه المعهد الألماني للبيئة، لذلك رأت منظمة “غرين بيس” السلام الأخضر أن الطريق الأفضل سيكون بالتركيز على تطوير وسائل النقل العام بدلاً من تشجيع الناس على اقتناء السيارات الكهربائية.
ولكن اقتصاد دبي وتوجهاتها برغم ذلك يهدفان إلى رفع نسبة السيارات الكهربائية والهجينة في المدينة إلى 2% بحلول عام 2020، ولتنمو هذه النسبة وتصل إلى 10% بحلول عام 2030، ومؤخراً افتتحت شركة تسلا للسيارات الكهربائية أول صالة عرض لها في دبي، مما يمهد لسوق كبير سيأخذ شكله في جميع أنحاء العالم.
يذكر أن بعض دول مجلس التعاون الخليجي كالمملكة العربية السعودية مثلًا، تخطط لمشروع في استخدام طاقة الرياح لإنتاج مشاريع ضخمة في استثمار مصادر الطاقة المتجددة، كما تعهدت دول في المنطقة مثل المغرب وتونس باقتصار استعمالها على هذه المصادر بحلول عام 2050.