في الأوضاع التي يعيشها عالمنا اليوم ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص فإن اللاجئين العرب وخصوصاً اليافعين منهم يواجهون العديد من المشاكل النفسية والحياتية، فعدا عن كارثة ترك دولهم الأم والهروب من معاناة الحروب والفقر، يعاني هؤلاء من النظرة السلبية من البعض تجاههم والتأثر الكبير بالأفكار السيئة، وهو ما دفع بالحدث الرياضي الإنساني الأكبر إلى تقديم الدعم لهؤلاء اللاجئين.
الأولمبياد الخاص في قبرص والذي يشارك فيه مئات الرياضيين من أصحاب الاحتياجات الخاصة من مختلف أنحاء العالم، قام بدعوة عدد من اللاجئين اليافعين من أحد مراكز الإيواء القريبة من ملعب مدينة لارناكا القبرصية ليشاركوا في مباراة رياضة هوكي الصالات Floorball.
الفرق المشكلة من لاعبي الأولمبياد الخاص في قبرص واللاجئين توزعت على أرض الاستاد لتحصل على تعليمات حول اللعبة وقواعدها، ثم أطلقت صافرة البداية لتعلن عن مبادرة إنسانية رائعة من قبل لاعبي الأولمبياد الخاص تجاه اللاجئين العرب الذين شاركوهم في المنافسة.
معظم اللاجئين اليافعين الذين شاركوا في المباراة جاؤوا من دول سوريا، الصومال، اليمن، العراق وغيرها وضمت المباراة مشاركين من الجنسين، ورغم الظروف القاسية التي عايشها هؤلاء اليافعون فإنهم قبلوا الدعوة بحماس كبير.
هذه المبادرة من اللاعبين والمسؤولين في الأولمبياد الخاص في قبرص كانت لفتة إنسانية سارة تجاهلت كل القضايا السياسية التي تتعلق بشؤون اللاجئين العرب، وقدمت الفرصة للعديد من اللاجئين اليافعين لخوض تجربة رياضية مليئة بمشاعر الصداقة والتقارب.
هدى الفتاة اليمنية ذات الأربعة عشر عاماً والتي تركت اليمن مع عائلتها لأسباب سياسية لتصبح واحدة من آلاف اللاجئين العرب الذين تركوا بلادهم، قالت إنها سعيدة لكونها ضمن ذلك الحدث وأنها تريد اللعب فقط، مضيفة أنها تتمنى تلقي مثل هذه الدعوات في مرات قادمة.
كيف ستساعد هذه المبادرات اللاجئين العرب اليافعين؟
الحدث تم تنظيمه تحت إدارة لجنة الأولمبياد الخاص في قبرص وبدعم كبير من المجلس الأولمبي القبرصي ومنظمة Lions Club الدولية، إضافة إلى شركة ألفكسو الراعي الذهبي للأولمبياد الخاص في قبرص.
جميع المنظمات المهتمة بقضايا اللاجئين العرب مثل الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسف ومختلف الحكومات والمنظمات الإنسانية لطالما أكدت على ضرورة أن تتعاون كل تلك الأطراف على توفير الاندماج الاجتماعي للاجئين اليافعين، حيث يساعده ذلك بشكل كبير على رمي مشاكلهم السابقة ورائهم والبدء بالحياة من جديد، خصوصاً أن شعور اللاجئين بالتهميش والانعزال يدفع بهم نحو الكثير من المشاكل الاجتماعية ويؤدي بهم إلى الفشل في الاندماج ضمن مجتمعاتهم الجديدة، ولذلك يجب أن يتم إشعار اللاجئين العرب بأنهم مهمون للبيئة والمجتمع من حوله ومن يستطيع توفير ذلك أكثر من الرياضة؟
هذه المبادرة ستمكن اللاجئين اليافعين من الشعور بالألفة والمنافسة الودية مع أصدقاء جدد يتعرفون إليهم خلال مثل تلك الفعاليات الرياضية، وستزيل عنهم أي شعور بالتهميش والتجاهل في الدول التي لجأوا إليها وهو ما يجعل مبادرة الأولمبياد الخاص في قبرص خطوة هامة في هذا المجال.
جميع من حضروا ختام مباراة الهوكي بين اللاجئين ورياضيي الأولمبياد الخاص لاحظوا مشاعر اللاجئين السعيدة والودودة التي قابلها رياضيو ومسؤولو الأولمبياد الخاص في قبرص بالصداقة والمشاعر الودية، والمزيد من هذه المبادرات ستساهم بالتأكيد في وضع أفضل سواء بالنسبة إلى اللاجئين أو إلى الدول التي تستضيفهم على أراضيها.
لاعبو الأولمبياد الخاص يحتضنون غيرهم
لطالما كان الأولمبياد الخاص حدثاً إنسانياً هدفه الأساسي احتضان ذوي الحاجات الخاصة من مختلف أنحاء العالم، والذين يرغبون في ممارسة رياضاتهم المفضلة دون أن يشعروا بأي نقص أو تجاهل ممن حولهم، وهو ما حققه الأولمبياد الخاص بنجاح كبير على مدى أكثر من 50 عاماً.
لكن الأولمبياد الخاص في قبرص كان مناسبة فريدة من نوعها حيث مكن رياضيي الأولمبياد ليس فقط من الحصول على بيئة ودية ودافئة بل على توفير تلك البيئة للآخرين أيضاً عبر احتضان اللاجئين اليافعين.
“لسنوات طويلة خلال التاريخ البشري كان أصحاب الحاجات الخاصة هم من يتلقون الخدمات” يقول السيد إيليني روسيدس المسؤول الوطني في الأولمبياد الخاص في قبرص، روسيدس يضيف أن هذه المرة أثبتت أن لاعبي الأولمبياد الخاص لا يريدون فقط أن يجدوا بيئة تستوعبهم بل يريدون استيعاب الآخرين كذلك، عبر مثل هذه المبادرات الإنسانية.
رئيس لجنة الأولمبياد الخاص الدكتور تيموثي شريفر تحدث عن المسيرة الطويلة التي قدمها الأولمبياد الخاص خلال 50 عاماً من تاريخه، وأن الأولمبياد الذي استهدف خلال كل تلك المدة الطويلة أصحاب الحاجات الخاصة فقط، استطاع اليوم عبر هذا الحدث توسيع دعوته ليضم قضية وأشخاصاً جدد، والأهم أن هذه الدعوة جاءت من لاعبي الأولمبياد نفسهم.