طالبت قطر السعودية بإنهاء التدابير “المشددة غير العادلة “والتي يتم تطبيقها على الحجاج القطريين القادمين إلى السعودية في موسم الحج الشهر القادم، كنتيجة للأزمة الدبلوماسية والاقتصادية الكبيرة التي ما زالت مستمرة منذ أكثر من شهرين بين دول الخليج بقيادة السعودية وقطر.
المطالب القطرية جاءت على لسان علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان NHRC وذلك في مؤتمر صحفي عقده في العاصمة القطرية الدوحة، وقال المري أنه يتوجب على السعودية “فتح طرق مباشرة للطائرات القطرية لتسمح للحجاج بالسفر عبر الجو، وفتح الطرق البرية للحجاج القطريين والحجاج المقيمين في قطر”.
المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان وجهت انتقادات مباشرة للإجراءات السعودية ضد الحجاج القطريين حيث قالت إن السعودية “باتخاذها لإجراءات تعسفية لا تستند لأي أسس قانونية أو أخلاقية تمنع أناساً أبرياء لا علاقة لهم بالخلافات السياسية من ممارسة شعائرهم الدينية في مخالفة صريحة للقانون الدولي” وذلك في بيان رسمي أصدرته المنظمة.
الإجراءات السعودية المطبقة على الحجاج القطريين تشمل شروطاً صعبة مثل السفر إلى السعودية فقط عبر شركات الطيران التي توافق عليها السعودية، إضافة إلى الحصول على تأشيرات للحجاج القطريين في مطارات جدة والمدينة المنورة، وهي نقاط الدخول الوحيدة التي يسمح للحجاج القطريين الدخول عبرها.
هذه الإجراءات تأتي لتصعد الأزمة الكبيرة بين دول الخليج بقيادة السعودية وقطر والتي بدأت في تاريخ 5 يونيو الماضي مع إعلان السعودية والإمارات والبحرين واليمن إضافة لمصر قطع علاقاتها مع قطر واتهامها بدعم منظمات إرهابية إضافة لدعم دولة إيران، وهي اتهامات نفتها قطر بشكل مطلق.
هل تستمر أزمة الحج بالتصعيد؟
علي المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان NHRC أكد أن قطر تواصلت مع العديد من المنظمات الدولية لرفع الإجراءات المطبق على الحجاج القطريين، مؤكداً أن السعودية ورغم التواصل معها لم تقدم أي ضمانة بشأن الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين القطريين أثناء موسم الحج.
كما أكد المري أن اللجنة تتلقى العديد من التقارير التي تؤكد تعرض العديد من الحجاج القطريين للطرد من فنادق مكة المكرمة أثناء شهر رمضان الماضي، محملاً المسؤولية للسعودية التي تطلق “خطاب كراهية” ضد قطر، مما يهدد سلامة القطريين أثناء موسم الحج في السعودية.
العديد من وسائل الإعلام الخليجية المؤيدة للسعودية اعتبرت التصريحات القطرية حول الحج بمثابة مطالبة لتدويل الحج والأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهو ما نفاه المري بشكل قاطع.
لكن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير اعتبر أن قطر طالبت بالفعل بتدويل الحج والأماكن المقدسة، حيث قال أن مثل هذه المطالبات تعتبر إعلان حرب على السعودية، وقال الجبير في تصريح لموقع العربية أن السعودية تحتفظ بحق الرد ضد أي طرف يطالب بتدويل الحج.
فيما قالت وزارة العلاقات الإسلامية القطرية أن السعودية رفضت التواصل بشأن تأمين سلامة الحجاج القادمين من قطر، واتهمت السعودية بالخلط ما بين السياسة وأحد أركان الدين الإسلامي وهو ما قد يؤدي لمنع العديد من المسلمين من أداء أحد أهم الشعائر في الدين الإسلامي.
التصريحات والاتهامات المتبادلة بين قطر والسعودية تضع أزمة الحج في مستوى جديد من التوتر المستمر أصلاً منذ أشهر طويلة حتى ما قبل بداية الأزمة الخليجية، ورغم الجهود التي تبذلها العديد من المنظمات الدولية لحل أزمة الحج الحالية فإنه لا توجد أي مؤشرات على اقتراب حلها.
أحد مخرجات السياسة
الأزمة الحالية المرتبطة بموسم الحج وما تحمله من طابع إنساني وديني، ليست سوى مخرج للأزمة السياسية الكبيرة التي نشبت بين السعودية وقطر منذ أكثر من شهرين تحت غطاء الاتهامات الموجهة لقطر بدعم الإرهاب.
الأزمة السياسية بين قطر ودول الخليج لم تقتصر على حدود المقاطعة السياسية، حيث أعلنت دول الحصار مقاطعة شاملة لدولة قطر تشمل النقل البري والجوي ومختلف أشكال التجارة والتعاون الاقتصادي، إضافة إلى تجميد مختلف الاتفاقيات الاقتصادية مع قطر.
كذلك شملت تلك الإجراءات مقاطعة شركة الخطوط الجوية القطرية Qatar Airways وحجب العديد من المواقع الإلكترونية والقنوات التلفزيونية التابعة لقطر وأشهرها شبكة الجزيرة التلفزيونية والتي تعتبر الأكثر مشاهدة في العالم العربي، فيما أطلقت قطر مجموعة من الإجراءات لمواجهة الوضع الراهن.
بالتالي فإن أزمة الحج الحالية ليست سوى انعكاس جديد للأزمة السياسية بين قطر والسعودية ومحاولة من السعودية لإيجاد وسيلة ضغط جديدة على الحكومة القطرية، وهو ما يجعل من غير المستغرب صدور تصريحات قطرية تؤكد أن استعادة الثقة مع مجلس التعاون الخليجي هو أمر يحتاج وقتاً طويلاً.