فاز الرئيس الإيراني حسن روحاني بالانتخابات الرئاسية الإيرانية بعد إعلان النتائج الرسمية، ليحصل على ولاية ثانية بعد انتهاء مدته الأولى، وذلك بعد تفوقه على منافسه الوحيد المرشح المحافظ إبراهيم الرئيسي.
روحاني حصل على 23.5 مليون صوت بنسبة 57% من الأصوات مقابل 15.7 مليون صوت لمنافسه الرئيسي بنسبة 38.5%، حيث بلغت نسبة التصويت 70% وتجاوز عدد المصوتين 41 مليون ناخب وهي نسب غير مسبوقة بحسب وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي.
حسن روحاني هنأ الشعب الإيراني على الفوز معتبراً أن الفائز الحقيقي هو الشعب في إيران، فيما تقدم المرشح الخاسر إبراهيم رئيسي بشكاوى معتبراً أن الانتخابات شهدت نقصاً حاداً في استمارات الإدلاء بالأصوات.
ردود الفعل الدولية كانت إيجابية تجاه فوز روحاني الذي يعتبر ممثل التيار الإصلاحي في إيران والذي أوصل البلاد إلى الاتفاق النووي الإيراني منذ عامين، حيث عبرت فيدريكا موغريني مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي عن تهنئتها لحسن روحاني عبر تغريدة على موقع تويتر.
كما هنأ وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون روحاني بالفوز مشيراً إلى التحسن الكبير في العلاقات بين إيران والمملكة المتحدة في عهده، والتوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران بعد مفاوضات طويلة.
فوز روحاني يشكل لا شك خبراً ساراً للدول الغربية خصوصاً بالمقارنة مع منافسه الرئيسي الذي يعرف بتوجهاته المعادية للغرب، كما أن حسن روحاني أظهر مرونة كبيرة في التعامل مع الدول الغربية مقارنة بأسلافه وهو ما يجعله الخيار الأفضل للغرب.
لكن الشرق الأوسط يملك نظرة مختلفة تماماً للانتخابات الرئاسية الإيرانية ومفرزاتها، خصوصاً أنه يشهد المظاهر المباشرة الناتجة عن التوسع الإيراني في المنطقة.
كيف ينظر الشرق الأوسط إلى فوز حسن روحاني؟
بعيداً عن العلاقة الغربية مع إيران والتي شهدت انتعاشاً كبيراً في عهد روحاني فإن دول الشرق الأوسط والخليج العربي تحديداً لديها تجربة مختلفة مع إيران بحكم التوسع الإيراني الكبير في دول عديدة مثل اليمن والعراق وسوريا، وهو ما سبب أزمات كبرى في المنطقة.
افتتح حسن روحاني حملته الانتخابية في ولايته الأولى بحديثه عن انفتاح إيران على العالم والعلاقات السليمة مع دول الجوار ودول العالم، ورغم ان توصل إلى ذلك نوعاً ما مع دول العالم إلا أن الموضوع مختلف مع دول الشرق الأوسط.
ولاية روحاني الأولى شهدت وصول التوسع الإيراني في سوريا واليمن إلى أوجه بعد أن استمرت إيران في دعمها لمليشيات الانقلابين الحوثيين في وجه السلطة الشرعية المنتخبة والتي تدعمها دول الخليج العربي وتعترف بها معظم دول العالم.
السنوات الأربع الماضية من ولاية روحاني شهدت تصعيداً كبيراً في اليمن مع استمرار دعم إيران المباشر عبر المقاتلين وغير المباشر عبر السلاح للحوثيين وهو ما يمنع التوصل إلى حل في اليمن حتى اليوم.
في سوريا أيضاً فإن إيران تدعم النظام السوري في مواجهة معارضيه منذ عام 2011، وفي عهد روحاني استمر الدعم عوضاُ عن توقفه، حيث تمد إيران النظام في سوريا بالمقاتلين والعتاد والمستشارين العسكريين.
إيران التي حاوت التدخل كوسيط للتفاوض في اجتماعات آستانة استمرت بالتوسع في سوريا، مع محاولة فرض مفاوضات غير جدية على الدول العربية والمعارضة السورية، وهو ما يجعلها حتى اليوم سبباً أساسياً في عدم التوصل إلى حل للحرب في سوريا.
روحاني خلال ولايته الأولى لم يقدم لدول الشرق الأوسط سوى الكلام عن تحسين العلاقات وحل أزمات المنطقة، فيما استمرت إيران في عهده بسياساتها في التوسع في المنطقة والتدخل في أزماتها.
أرقام مقلقة
رغم فوز حسن روحاني إلا أن منافسه المحافظ إبراهيم الرئيسي حصل على ما نسبته 38.5% من أصوات الناخبين في إيران وهو ما يصل إلى 15.7 مليون صوت، وهذا يوضح مدى الشعبية التي مازال المحافظون يملكونها في إيران.
الرئيسي الذي يعرف بتاريخه الأسود في قتل معارضي النظام الإسلامي في إيران في عهد آية الله الخميني، والذي يعرف بعدائه للدول العربية والخليجية والغرب يمثل حصوله على نسب كبيرة في الانتخابات مؤشراً خطيراً على مدى التوتر الذي تبثه إيران بين مواطنيها تجاه دول الجوار.
سواء كان الفائز محافظاً أم إصلاحياً فإن دول الشرق الأوسط تحتاج لرؤية إجراءات ملموسة في التراجع عن التوسع الإيراني المستمر في المنطقة، وتدخلاتها في القضايا السياسية والدينية فيها، وعدا ذلك فإن كل شيء يبقى في سياق الدعاية السياسية فقط والتي تهدف لتصوير إيران كدولة متعاونة مع محيطها ومع العالم.