رغم غرابة الفكرة وحداثتها، إلا أن السيارات الطائرة بدأت تشق طريقها إلى السماء فعلاً، حيث أنّ شركات مثل لاريي بيدج، إيرباص، أوبر وحتى حكومة دبي، بدأت تولي اهتماماً خاصاً بهذه التكنولوجيا، وتخصص ميزانيات ضخمة لتطويرها كي تصبح واقعاً حقيقياً في وقت قريب.
لكن اهتمام هذه الجهات عالية المستوى بتكنولوجيا السيارات الطائرة، إلا أنّها وللمفاجأة ما تزال تواجه عقبة أخرى، وهي إقناع الجماهير والمستهلكين بأن الفكرة كلها ليست مجنونة، رغم العديد من التجارب الأولية لهياكل هذه السيارات التي بدأت تجوب سماوات دول مختلفة، وانتشار مقاطع فيديو كثيرة عبر الانترنت تثبت واقعية الفكرة، ليس آخرها ما قام به مهندس طيران يعمل لحساب شركة كيتي هوك الصغيرة في وادي السيليكون، والذي اختبر سيارته الطائرة الجديدة في شمال ولاية سان فرانسيسكو الأميركية بنجاح، بهيكل مكشوف مبني من قطع غيار السيارات، وبوزن 220 قادر على حمل شخص واحد على متن هذا الهيكل المدعوم بثمانية مراوح تعمل على البطاريات، وتصدر ضجيجاً قريباً من صوت أي قارب مائي سريع.
كيف بدأت فكرة السيارات الطائرة؟
لقد انطلقت شركة كيتي هوك حاملة اسم المدينة التي جرت في سمائها أول تجربة طيران ناجحة للأخوين رايت، وهي تطمح الآن لأن تكون أول المستثمرين الفعليين في مجال السيارات الطائرة، حيث تهدف إلى البدء ببيع سياراتها بحلول نهاية العام الحالي. لكن حداثة الاهتمام بالفكرة ليست وليدة اليوم، إذ يبقى حلم السيارة الطائرة، حلم بشري قديم عمره أكثر من 6 عقود، وقد ترافق مع بدء انتشار السيارات وتزايد اعتماد البشر عليها، حيث أن الزحمة الخانقة في مراكز المدن شتى، أدّت إلى تخيّلات السائقين الحالمين بتجاوز هذه الزحمة بالعبور من فوقها والطيران في الجو بسياراتهم للوصول إلى مواعيدهم على الوقت، الأمر الذي قد يتحقق لنا قريباً بجهود شركات مثل كيتي هوك الأميركية، وزميلاتها بال في الهولندية وإيروموبايل السلوفيكية، إلا أنّ ما يميّز شركة تيرافوجيا التي تعمل من ماساتشوستس بأن سيارتها الطائرة القادمة لن تحتاج أن يحصل سائقها على رخصة طيار كسابقاتها، الأمر الذي سيجذب المزيد من الهواة والمتحمسين لهذه التكنولوجيا الحديثة.
كما أنّ شركات أخرى عاملة في مجال السيارات الآن، تفكّر أيضاً في دخول مجال تطوير سيارات طائرة. فها هي شركة سيارات الأجرة الرائدة “أوبر”، تحاول أن تصل إلى مرحلة جديدة من عملها، حيث يصبح بإمكان الزبائن طلب سيارات أجرة تقلّهم عبر السماء حيث يريدون، وقد بدأت أوبر فعلياً بالعمل على تطوير نموذج سيارة أجرة طائرة، مستعينة بأحد مهندسي وكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، لتحقيق طموحها في جعل حلم سيارات الأجرة الطائرة حقيقة خلال 3 إلى 6 سنوات على الأكثر.
معضلة الطيران الآمن!
يقول كارل براور كبير المديرين في شركة تقييم وتحليل السيارات كيلي بلو بوك، إنّ بعض الجهات الحكومية المرتبطة بمجال النقل لا تزال تحاول عرقلة إصدار قوانين ضابطة لشركات السيارات ذاتية القيادة، مما يعني أنّ السيارات الطائرة التي تعتبر تكنولوجيا أكثر حداثة من نظيرتها الأولى، لن تسلم بدورها من هذه العرقلة التي ستؤجّل قدرتها على دخول السوق في وقت قريب.
ومن جهتها إدارة الطيران الفيدرالية التابعة لوزارة النقل الأميركية، أكّدت أنها تناقش خيارات المصادقة على عمل بعض شركات الطيران التي تود العمل في مجال السيارات الطائرة، على أن يكون هناك طيّار مُرخّص له على متن هذه المركبات مبدئياً، ضماناً لأمن الرُكّاب.
أما ديك كنابينسكي، المتحدّث باسم جمعية الطائرات التجريبية، فقد أكّد أنّه وقبل 25 عاماً لم يكن في حسبان البشر وجود طائرات دون طيار فوق مدنهم، لكن بالنظر إلى أنّنا ما زلنا في مرحلة الاختبار لهذه التكنولوجيا الحديثة، فإن وصول السيارات الطائرة أيضاً إلى المجال الجوّي، يعني المزيد من التشويش الذي سيستغرق المزيد من الوقت للنظر في أمره أيضاً، حيث يبقى التلوّث السمعي أول المشاكل المُحتملة التي قد تعيق الاستمرار في تطوير هذه التكنولوجيا.
لو تجاوزت تكنولوجيا السيارات الطائرة حقاً كل التهديدات والسلبيات المُحتملة، فقد يصبح لدى البشرية حلم آخر متحقق بعد أن كان أقرب إلى الخيال قبل عدة أعوام وعقود.
وبحسب جورج فاكوليك الرئيس التنفيذي لشركة إيروموبايل فلو استطاعت الحكومات تجاوز بطيء إصدار قوانين مرنة قادرة على التعامل مع هذه السيارات، فسيكون لدينا قدرة هائلة على تجاوز وعورة بعض الطرقات، والازدحام الهائل المتسببة بتأخر الملايين عن مواعيدهم يومياً. أليس في تجربة مدينة دبي الطائرات بدون طيار مثال على ذلك؟!