تصدرت المملكة العربية السعودية أخبار العالم على خلفية حملة مكافحة الفساد التي أطلقها الملك سلمان بن عبد العزيز، وطالت أمراء ووزراء حاليين وسابقين ورجال أعمال بارزين إثر التورط بقضايا أثرت سلباً على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في السعودية أهمها فيضانات جدة وانتشار فيروس كورونا.
وصدر أمر ملكي بإنشاء لجنة لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من مهامها تعقب الأموال والأصول ومنع نقلها أو تصفيتها نيابة عن أفراد أو كيانات، حيث تنوعت الاتهامات بين سوء المعاملة ووضع المصالح الشخصية فوق المصلحة الوطنية وسرقة الأموال العامة.
وإثر ذلك، تم اعتقال 11 من الامراء ووزراء سابقين وحاليين ورجال أعمال بارزين أهمهم الأمير الوليد بن طلال، ما يعد تطوراً مدهشاً في المشهد السياسي والاقتصادي السعودي، أدى لتراجع سهم شركة المملكة القابضة التي يديرها الأمير الوليد بما يقارب 10%.
وضمت قائمة الاعتقال كل من الأمير فهد بن عبد الله نائب وزير الدفاع وقائد البحرية سابقاً، والأمير تركي بن عبد الله أمير الرياض سابقاً، والأمير متعب بن عبد الله وزير الحرس الوطني السابق، الذي أعفي من منصبة وتم تعيين خالد آل مقرن بديلاً عنه، وإبراهيم العساف وزير المالية السابق، وخالد التويجري رئيس الديوان الملكي السابق.
كما شملت الرئيس السابق للمراسم الملكية في الديوان محمد الطبيشي، وخالد الملحم المدير العام لشركة الخطوط الجوية العربية السعودية سابقاً، إضافة إلى الوليد آل إبراهيم مالك قنوات ام بي سي، وسعود الدرويش الرئيس التنفيذي السابق لشركة الاتصالات السعودية STC، والأمير تركي بن ناصر الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة، فضلاً عن رجل الأعمال صالح كامل وأبناؤه ورجل الأعمال محمد حسين العمودي.
ولم يكن وزير الاقتصاد عادل فقيه بمنأى عن التطورات الحاصلة، حيث تم إعفاءه من منصبه إثر تهم بقبول رشاوي، ليحل محله محمد التويجري.
هل ستصب التغييرات السياسية في مصلحة السعودية؟
في رسالة واضحة تدعم رؤية 2030 أكد الملك سلمان أن القوانين ستطبق بحزم على كل من يمس بالمال العام ولا يحميها أو يختلسها أو يسيء استغلال سلطتها ونفوذها، وأضاف “سيتم تطبيق ذلك على الكبار والصغار ولن نخشى أحداً”.
وكرد فعل على هذه التغيرات، دشن مغردون سعوديون هاشتاغ #الملك_يكافح_الفساد وسريعاً تحول إلى الأكثر تداولاً في العالم، عبر المغردون من خلاله عن دعمهم للقرارات الجديدة ورأوا أنها تسرع من وتيرة الإصلاح السياسي والاجتماعي في إطار رؤية 2030.
وتجري حملة مكافحة الفساد في ظل الاصلاحات التي تتبعها السعودية، والاقتراب من طرح شركة أرامكو السعودية للاكتتاب العام خلال العام القادم، ومن المتوقع أن يكون الاكتتاب الأكبر في التاريخ.
ورأت وزارة المالية السعودية أن إقامة لجنة مكافحة الفساد واعتقال شخصيات بارزة سيعزز الثقة بسيادة القانون، وسيحافظ على مناخ الاستثمار السعودي.
واعتبر المحلل كامران بخاري، أن تغيير رأس الحرس الوطني رسالة سياسية قوية، وتشير إلى المزيد من التغييرات التي تمهد الطريق لعراب رؤية 2030 لإحداث التغييرات الاجتماعية والاقتصادية السياسية المنشودة.
وكانت بعض التقارير الصحفية قد تحدثت عن مشهد سياسي عربي متغير، بدأ من استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بشكل مفاجئ، في نفس اليوم، وتصريحات سابقة لدبلوماسيين عرب عن بداية حقبة جديدة من الاستراتيجية السعودية تجاه التصدي لتدخلات الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الشؤون العربية، و انفلات السلاح والميليشيات التابعة لطهران في المنقطة العربية، مع سيطرة وتورط ميلشيا “حزب الله ” في الحرب الدائرة في سوريا منذ 7 سنوات
محمد بن سلمان الشخصية الأبرز في مسيرة التنمية
منذ صعود والده إلى العرش، برز ولي العهد محمد بن سلمان كشخصية قيادية وصاحبة رؤية 2030، حيث كشف الأمير محمد عن خطة واسعة النطاق لتحقيق التغيير الاجتماعي والاقتصادي للمملكة التي تعتمد على النفط، أهمها خصخصة شركة أرامكو وإنشاء أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم، كما أنهى بعض القيود الاجتماعية، حين سمح للمرأة بقيادة السيارة.
فيما أكد ولي العهد مؤخرًأ أن الإسلام المعتدل مفتاح خططه لتحديث السعودية، متعهداً خلال مؤتمر مستقبل الاستثمار بالقضاء على بقايا التطرف قريبا جداً.
يذكر أنه في يونيو الماضي صدرت أوامر ملكية تضمنت تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، وإعفاءات وتعيينات جديدة في صفوف الأمراء والوزراء ما شكل نقطة بداية نحو مرحلة التحول السياسي بالمملكة.