الأكثر شهرة

الرئيسيةاخبار سياسيهبريطانيا والشرق الأوسط.. ما بعد الاتحاد الأوروبي

بريطانيا والشرق الأوسط.. ما بعد الاتحاد الأوروبي

منذ إعلان النتائج النهائية لاستفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المعروف بـ Brexit في يونيو الماضي، والقارة الأوروبية تشهد اضطرابات عديدة في أروقتها السياسية، وكذلك في الأسواق والشركات العامل في بريطانيا التي شهدت حملة انسحابات كبيرة جراء المخاوف الناتجة عن خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.

صحيح أن التأثيرات الأكبر لقرار البريطانيين ستشهده القارة الأوروبية وبريطانيا لكن منطقة الشرق الأوسط ليست بمعزل أبداً عن تأثيرات الخروج البريطاني، خصوصاً أنها تمتلك علاقات وطيدة من النواحي السياسية والاقتصادية مع بريطانيا والاتحاد الأوروبي.

ولا يستهان التأثيرات السياسية في هذه الناحية، حيث تشير العديد من التقارير الصحفية إلى أن بريطانيا بعد الخروج ستتخذ سياسة مختلفة تماماً عن سياستها الهادئة التي كانت تتبعها أثناء العضوية في الاتحاد الأوروبي، خصوصاً بالنسبة لقضايا الإرهاب والهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

ويبقى العامل الاقتصادي هو الأهم والأكثر تأثيراً بالنسب للشرق الأوسط، خصوصاً لدول الخليج التي تملك استثمارات تصل إلى مليارات الدولارات في بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وتحقق المخاوف في منع الوصول البريطاني إلى السوق الأوروبية المشتركة بعد خروج البلاد، سيعني تضرر تلك الأعمال والاستثمارات بشكل كبير، فضلًا عن تحفظ المستثمرين الجدد من العمل في بريطانيا.

فيما يرى العديد من المحللين الاقتصاديين أن التأثير قد يكون عكسياً ويفتح فرصة لبريطانيا لاتخاذ إجراءات اقتصادية جديدة تمكنها من جلب استثمارات جديدة دون الخضوع لشروط الاتحاد الأوروبي.

ما هي التأثيرات الرئيسية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الشرق الأوسط؟

Brexit and Tories - Alvexo

أظهر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الضعف الذي كان الاتحاد يعاني منه في السنوات الأخيرة، حيث ستشهد السنوات القادمة تحول القارة الأوروبية نحو سياسة أكثر انغلاقاً وحذراً خصوصاً مع صعود الاتجاه اليميني المتطرف.

الأعمال الأوروبية في منطقة الشرق الأوسط ضمن النشاطات الإنسانية والتنموية والمنظمات الدولية التي تدعم قطاعات الصحة والتنمية قد تضعف وتتراجع، كما سيتراجع السعي الأوروبي الدائم نحو دعم حقوق الإنسان والجهود الديمقراطية في الشرق الأوسط.

أما في الناحية الأخرى فإن بريطانيا التي لطالما كان لها دور كبير في المنطقة منذ مئات السنوات ستجد في الخروج من أوروبا فرصة للتعامل مع الشرق الأوسط بشكل أكثر براغماتية وبما يراعي مصلحة بريطانيا وحدها.

يؤكد مؤيدو الخروج على ضرورة تعزيز الحكومة البريطانية لعلاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الدول العربية وخصوصاً دول الخليج، وضرورة خلق بيئة استثمارية تجذب هؤلاء المستثمرين للحفاظ على التبادل التجاري الضخم مع الشرق الأوسط والذي يصل إلى 18 مليار دولار من الصادرات سنوياً.

ويعني الخروج من الاتحاد الأوروبي، لدول الخليج توفير المزيد من الفرص في مجالات التجارة والاستثمار، حيث يعتبر المستثمرون العرب قوة كبيرة في الاستثمار الخارجي في بريطانيا خصوصاً في مجال السوق العقاري.

لكن الخطر الرئيسي هنا هي التوجهات التي يملكها بعض مؤيدي خروج بريطانيا من اليمينيين، حيث يخشى أن يعمل هؤلاء على تشديد إجراءات التجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي، وفرض ضرائب كبيرة على المستثمرين الأجانب، وهو ما سيقود الاستثمارات العربية والخليجية خصوصاً إلى التوجه نحو الأسواق الآسيوية أو الأمريكية الشمالية.

كذلك فإن انغلاق أوروبا على نفسها وتوجه بريطانيا نحو سياسة أكثر براغماتية ستكون فرصة لصعود بعض القوى العالمية لزيادة نشاطها والاستفادة من الاستثمارات في الشرق الأوسط، والصين هي واحدة من أبرز الدول التي تسعى نحو ذلك.

وستجد بعض المنظمات الكبرى في الشرق الأوسط مثل مجلس التعاون الخليجي ستجد نفسها أمام ضرورة تعزير إجراءاتها الاقتصادية والاستثمارية والتكتل بشكل أكبر خصوصاً في حال قررت الحكومة البريطانية الجديدة بعد الخروج التوجه نحو إجراءات اقتصادية متحفظة ومنغلقة تجاه الاستثمارات التي تأتي من الدول العربية ودول الخليج على وجه الخصوص.

الخروج البريطاني سيكون له تأثير كبير على مختلف مناطق العالم وأبرزها منطقة الشرق الأوسط، وسيغير بشكل كبير في الأسواق الأوروبية والعالمية، وتبقى سياسية الحكومة التي ستدير بريطانيا بعد الخروج هي المسؤولة عن تحديد هذا التغيير هل سيكون إيجابياً أم سلبياً.

نخب عربية متخوفة من الخروج البريطاني

بريطانيا والشرق الأوسط.. ما بعد الاتحاد الأوروبي

جاءت ردود الفعل بين المثقفين ورجال السياسة والمال العرب والشرق أوسطيين على خروج بريطانيا متنوعة وتتدرج من التخوف الكبير من تبعات هذا الخروج إلى اعتباره قضية سياسية عابرة لن تغير جذرياً من الوضع في القارة الأوروبية.

اعتبر بعض المغردين العرب على موقع تويتر أن بريطانيا التي عملت على تقسيم الشرق الأوسط إلى عدة دول منذ أكثر من 100 عام تستحق أن تتذوق ألم الانفصال كما عانت منه الشعوب العربية، بحسب ما كتبه أحد المغردين العرب.

فيما اعتبر أحد رجال المال السعوديين أن خروج بريطانيا سيعني انخفاض أسعار وارداتها، وكذلك أسعار الاستثمار والشراء في القطاع العقاري ضمن المملكة المتحدة، وهو ما سيكون فرصة ذهبية لرجال الأعمال العرب والمستثمرين الخليجيين للدخول بقوة إلى السوق البريطانية.

وقال المحلل السياسي والصحفي السعودي المخضرم جمال الخاشقجي أن “الرابح الأكبر من خروج بريطانيا هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي نجح في كسر الاتحاد الأوروبي من خلال أزمة اللاجئين السوريين التي أثارها” والتي تعتبر عاملاً هاماً من أسباب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

في المحصلة فإن النخب العربية بشكل عام ليست متفائلة بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولديها مخاوفها المتعلقة بالعنصرية وقضايا المهاجرين في بريطانيا، فيما يرى رجال المال أن كل وضع وله إيجابياته وسلبياته وخروج بريطانيا من الاتحاد قد يحمل في طياته فرصاً جديدة للاستثمار ضمن الأسواق البريطانية.

مقالات ذات صلة