شهد شهر ديسمبر من العام الماضي قيام المجلس الفيدرالي للسوق المفتوحة FOMC التابع للاحتياطي الفيدرالي برفع معدلات الفائدة لأول مرة منذ عام، وهو ما تكرر في شهر آذار الماضي، مع وجود تأكيدات من مسؤولين في البنك الاحتياطي الفيدرالي أن معدلات الفائدة قد تشهد ارتفاعاً آخر هذا العام.
في الولايات المتحدة فإن التحكم في معدلات الفائدة هو رهن بالبنك الاحتياطي الفيدرالي، لكن ارتفاع أو انخفاض معدلات الفائدة ليس عشوائياً، بل هنالك العديد من العوامل التي تؤدي إلى الارتفاع أو الانخفاض في معدلات الفائدة.
التضخم الاقتصادي هو واحد من أبرز تلك العوامل، فالارتفاع أو الانخفاض الكبير في معدلات التضخم يرافقه ارتفاع أو انخفاض في معدلات الفائدة للتناسب مع نسب التضخم في النظام الاقتصادي.
كذلك تعد السيولة عاملاً هاماً في التأثير على معدلات الفائدة، فحين يتمتع النظام المالي في بلد ما بسيولة كبيرة فإن أسعار الفائدة تنخفض أو تبقى منخفضة، ويحصل العكس حينما تقل السيولة حيث ترتفع معدلات الفائدة.
كيف تؤثر معدلات الفائدة على أشكال الاستثمار؟
عادة عندما ترتفع معدلات الفائدة فإن أسعار السندات تنخفض، وتعاني سوق الأسهم جراء ارتفاع معدلات الفائدة، لكن ذلك لم يحصل مع ارتفاع معدلات الفائدة في نهاية 2016، حيث تبين في الفترة الأخيرة إن ارتفاع معدلات الفائدة لا يؤثر على من يملك استثمار في الأسهم.
المستشار المالي رغم أنه لا يعلم بدقة تأثير ارتفاع معدلات الفائدة على الاستثمار الخاص بزبائنه، إلا أنه يستطيع أن يلعب دوراً للاستفادة من ذلك الارتفاع عبر توزيع المحفظة الاستثمارية بشكل متوازن تبعاً لوضع معدلات الفائدة.
مثلاً لدينا مستثمر قسم محفظته الاستثمارية لـ 60% من الاستثمار في الأسهم و40% من الاستثمار في استثمارات الدخل الثابت مثل السندات، هنا يمكن عند انخفاض معدلات الفائدة جعل الاستثمار بنسبة 60% في السندات للاستفادة من ارتفاع سعرها، فيما يكون العكس عند ارتفاع معدلات الفائدة للاستفادة من الارتفاع في استثمار الأسهم.
الاستثمار في سوق العملات الأجنبية يتأثر كذلك بارتفاع معدلات الفائدة، مثلاً إذا كان 1 دولار أمريكي يساوي 1.35 دولار كندي أي الدولار الأمريكي أقوى، وأي استثمار يتضمن تحويل الدولار الكندي إلى أمريكي لن يكون ملائماً لأنه سيحصل على 0.65 أمريكي مقابل كل دولار كندي، فيما يكون ذلك فرصة ملائمة لأي استثمار في تحويل الدولار الأمريكي إلى كندي مع قوة الدولار.
ارتفاع معدلات الفائدة يؤدي لزيادة قوة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، لكن هذا ليس بالضرورة ما يحصل دائماً ففي آخر ارتفاع في معدلات الفائدة في أمريكا شهد الدولار هبوطاً أمام العملات الأجنبية.
استراتيجيات للاستثمار مع معدلات الفائدة المرتفعة
واحدة من أبسط الاستراتيجيات للاستفادة من استثمار مع معدلات الفائدة المرتفعة هو قيام المستثمر ببيع ما يملكه من السندات المالية، واستثمار تلك الأموال في أحد الصناديق الخاصة بأسواق المال لتوفر له المزيد من النقد.
هناك خيار آخر هو الاستثمار في السندات ذات الأمد القصير، والتي تقدم فوائد أعلى من الصناديق في الاستراتيجية السابقة، كما انها تتميز بأن أسعارها لا تتقلب بشكل كبير، لكنها تبقى معرضة لأن ينخفض سعرها.
نجد أيضاً استراتيجية شهيرة للتعامل مع معدلات الفائدة المرتفعة وتدعى استراتيجية “سلم السندات” Bonds Ladder حيث يقوم مبدأها على الاستثمار في السندات الفردية مثل سندات الخزينة وشبيهاتها، بتواريخ استحقاق مختلفة.
الاستراتيجية هذه تبلغ هدفها مع نهاية تاريخ استحقاق كل سند حيث يستفيد المستثمر من المبالغ المستحقة والفوائد في استثمار سندات جديدة، وفي اقتصاد ذي معدلات فائدة مرتفعة سيحقق له ذلك المزيد من الأرباح والاستثمارات.
فيما نجد العديد من المستثمرين عوضاً عن القيام بهذه الاستراتيجيات يلجأ إلى الاستثمار في صناديق التحوط من معدلات الفائدة وصناديق التحوط القابلة للتداول ETFs، حيث تعمد تلك الصناديق إلى امتلاك أنواع معينة من السندات مثل سندات الخزينة وبيع السندات أو عقود المستقبليات الخاصة بالسندات على المكشوف لتجنب مخاطر انخفاض أسعار السندات جراء ارتفاع معدلات الفائدة.
بالنسبة لهذه الصناديق فإنه يجب التمعن جيداً قبل وضع أي استثمار فيها، خصوصاً ان معظمها حديثة ولا توجد سجلات لتوضح جودة أدائها في بيئة ذات معدلات فائدة مرتفعة لفترة طويلة، ولهذا يجب التروي قبل الدخول في استراتيجية الاستثمار هذه.