انتهت جولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الخليج العربي ضمن مساعي تركيا نحو العمل على إنهاء الأزمة الخليجية مع قطر والتي تكاد تكمل الشهرين، حيث بحث أردوغان سبل حل الأزمة الخليجية مع زعماء الدول المشتركة فيها.
أردوغان بدأ زيارته من السعودية حيث التقى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وتباحثا في حل الأزمة الخليجية مع قطر، كما التقى للمرة الأولى بولي العهد الجديد محمد بن سلمان، فيما لم تصدر تصريحات رسمية حول مخرجات المحادثات بين تركيا والسعودية.
بعد السعودية انتقل أردوغان إلى الكويت للقاء أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح حيث أن الكويت منذ بداية الأزمة لعبت دور الوسيط بين السعودية ودول الحصار وقطر وسعت لإيجاد حلول سلمية ودبلوماسية للأزمة مع قطر.
أردوغان اختتم جولته في العاصمة القطرية الدوحة والتقى بأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني والعديد من المسؤولين الكبار في الحكومة القطرية، ضمن ترحيباً كبيراً كرد فعل على الموقف الذي اتخذته تركيا بدعم قطر في الأزمة الخليجية مقابل المطالب الثلاثة عشر التي قدمتها السعودية ودول الحصار لقطر.
الرئيس التركي أردوغان حرص قبل جولته على الحفاظ على لهجة دبلوماسية عند الحديث عن السعودية ودورها في الأزمة الخليجية، حيث أكد أردوغان الدور الكبير الذي تملكه السعودية في سياسة الشرق الأوسط، وأكد على ضرورة إيجاد حل سلس ودبلوماسي للأزمة الخليجية/ وذلك ضمن تصريحات أدلى بها لوكالة فرانس برس للأنباء قبل مغادرته مطار إسطنبول متجهاً إلى السعودية.
ما الذي يحد من دور تركيا في الأزمة الخليجية؟
شهر يوليو شهد بداية الأزمة بين دول الخليج بقيادة السعودية وبين قطر، بعد اتهامات وجهتها تلك الدول إلى قطر بدعم المنظمات الإرهابية والتحالف مع إيران ضد دول الخليج، اتهامات نفتها قطر التي اتهمت أطراف خليجية بعملية قرصنة مواقع إلكترونية قطرية لبث الأخبار والتصريحات الزائفة.
منذ ذلك الوقت اتخذت تركيا موقفاً واضحاً بالوقوف إلى جانب قطر في مواجهة اتهامات السعودية والإمارات، خصوصاً عندما قدمت الدول قائمة المطالب الثلاثة عشر حيث دعا أردوغان قطر بكل وضوح إلى عدم قبول تلك المطالب.
تركيا رغم أنها تملك حجم تبادل تجاري مع السعودية أكبر بكثير من حجم التبادل مع قطر إلا أنها في الشهرين الماضيين بعد الأزمة الخليجية زادت حجم استثمارها في قطر بشكل كبير، كما زادت حجم صادراتها إلى قطر لتتجاوز 50 مليون دولار في الشهر الماضي فقط.
الحصار الاقتصادي الذي فرضته السعودية ودول الخليج على قطر تمكنت تركيا بقيادة أردوغان من التأثير عليه بشكل لافت عبر الدعم الاقتصادي والغذائي الكبير الذي قدمته تركيا لقطر، حيث أرسلت في الشهرين الماضيين أكثر من 200 طائرة من البضائع المختلفة التي ملأت الأسواق القطرية.
قطر بدورها زادت حجم الاستثمار داخل تركيا بشكل كبير حيث استهدفت الشركات ورجال الأعمال المؤيدين لسياسة أردوغان تجاه السعودية والأزمة الخليجية، وهو ما ساعد أردوغان أيضاً على الحصول على دعم القوى المعارضة لأمريكا ضمن الجيش التركي والتي تدعم موقف أردوغان في الأزمة الخليجية، وهو ما سيساعده في تخفيف النفوذ الأمريكي ضمن تركيا.
كل تلك العوامل إضافة للتوجهات المشتركة بين تركيا وقطر في قضايا المنظمات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين والتي تصنفها السعودية والإمارات كمنظمة إرهابية، قد تجعل السعودية تنظر إلى تركيا كطرف في الأزمة الخليجية أكثر من كونها لاعباً إقليمياً يحاول حل تلك الأزمة.
موقف دبلوماسي
رغم أن تركيا اتخذت موقفاً مؤيداً لقطر في الأزمة الخليجية منذ بدأها إلا أنها وجدت غطاءً جيداً لمواقفها عبر وصف المطالب الخليجية بأنها تخالف القانون الدولي، كما جاءت تقارير عمليات القرصنة للمواقع القطرية لتدعم موقفها بشكل كبير.
رغم ذلك فإن أردوغان أصّر على عدم خلق أي صدام مباشر مع السعودية خصوصاً أنها لاعب أساسي في المنطقة ويدرك أردوغان تماماً مدى قوتها وكونها حليفاً لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لأمريكا، التي تعتبر واحدة من أكثر الدول تأثيراً في الداخل التركي.
نقطة الاتفاق بين السعودية وتركيا حول إيران وسياستها العدوانية والتخريبية في الشرق الأوسط يمكن أن تكون أساساً قوياً تنطلق منه الدولتان نحو إيجاد حل سريع للأزمة الخليجية خصوصاً بعد سحب السعودية ودول الخليج مطالبها الثلاثة عشر مكتفية بستة مطالب أساسية تتعلق بتعهدات قطرية في محاربة الإرهاب.
أردوغان ركز في تصريحاته دائماً على التحدث بدبلوماسية حين يتعلق الأمر بالسعودية، وبدورها حافظت المملكة على موقف معتدل مع تركيا حيث تدرك الدولتان دورهما الكبير في المنطقة وأن الصدام بينهما لا يخدم سوى مصلحة إيران للتوسع في الشرق الأوسط.
المصلحة المشتركة بين الطرفين تكمن في إنهاء الأزمة الخليجية في أسرع وقت ممكن، والعمل على المصالح المشتركة بينهما بغض النظر عن موقف تركيا المؤيد لقطر، خصوصاً في ظل وجود دولة مثل إيران تعمل على خلق النزاعات في مختلف دول الشرق الأوسط.