أطفئ هاتفك على الفور وسلمه إلى أقرب مركز لبيع هواتف سامسونغ المحمولة! بهذه العبارة التي توحي بالخطر الشديد، وتنقل مستخدم هاتف غالاكسي نوت 7 اللوحي الجديد، ليلعب دور البطولة في فلم تشويق وإثارة يحبس الأنفاس، طلبت شركة سامسونغ العملاقة من زبائنها أن يبادروا إلى تسليم هواتفهم المحمولة من طراز نوت 7 بعد أقل من أسبوعين على طرحه في الأسواق.
الإعلان جاء استجابة لطلب هيئات رقابية متخصصة في متابعة وضبط سلامة المنتجات الاستهلاكية في الولايات المتحدة الأمريكية، عقب ورود تقارير متزايد من مختلف أنحاء البلاد عن حالات احترقت فيها بطارية الهاتف المحمول خلال الاستخدام أو عند شحن الجهاز، وما زاد الطين بلة انفجار بعد الأجهزة لأسباب غير معروفة، حيث سجلت 35 حالة في الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها.
وكانت وسائل الإعلام قد نقلت عن بعض الأشخاص الذين عايشوا التجربة المرعبة، قولهم إن الهاتف تسبب باحتراق سيارة أحدهم من نوع جيب، وكراج منزل في حالة ثانية بعد اشتعال النيران في البطارية المخصصة للهاتف فجأة وبدون سابق إنذار.
كانت استجابة الشركة الأولية عبر إطلاق برنامج للراغبين في استبدال الهاتف الجديد، حيث لم تدرك سامسونغ عمق وضخامة المشكلة في مراحلها الأولى، وأعلنت بشكل خجول عن إمكانية إعادة الجهاز. إلا أن تحذيرات ومنع هيئات الطيران في عموم البلاد من حمل جهاز الهاتف أو تشغيله على متن الطائرة كشف بشكل سريع حجم المأزق الذي وقعت فيه سامسونغ.
تعمل الشركة على تقديم أجهزة هواتف ذكية تعمل بنظام الاندرويد، وتعتبر المنافس الأقرب لشركة آبل الأمريكية التي تصنع هواتف أيفون بنظام تشغيل IOS. وعلى الرغم من اختلاف أنظمة التشغيل وأسعار المنتجات بين العملاقين إلا أن الحرب للسيطرة على سوق الهواتف المحمولة مستعرة بشدة، حيث تدعم شركة غوغل شريكها الاستراتيجي سامسونغ في أنظمة التشغيل، وتحاول عبر نظام تشغيل الاندرويد وضع حد لهيمنة آبل.
كيف بدأت أزمة غالاكسي نوت 7؟
لقد دفع تنامي الأزمة وسرعة انتشارها للتفاعل بشكل مختلف، فصعدت سامسونغ من لهجتها وغيرت كلامها، من الإعلان عن إطلاق برنامج استبدال بسيط لهاتف غالاكسي نوت 7 لمن يرغب، إلى إيقاف البيع والتحذير من المخاطر، ثم حث المستخدمين على إعادة الجهاز لتجار التجزئة، في عملية سحب منتجات ضخمة حول العالم تقدر تكاليفها بنحو مليار دولار أمريكي.
سريعًا ظهر الرئيس التنفيذي لشركة هواتف سامسونغ النقالة دي جي كو، والتي تندرج شركته تحت مظلة سامسونغ للإلكترونيات ليقول إن “أولويتنا هو سلامة العملاء، لذا نطلب من المستخدمين إطفاء هواتفهم من نوع غالاكسي نوت 7 واستبدالها في أقرب وقت ممكن”. لكن حديث الرئيس التنفيذي حقيقةً لا يعكس الحرص على المستخدمين، أكثر ما يفضح خوف الشركة من الملاحقات القانونية والمطالبة بالتعويضات المالية من المستخدمين عن الأضرار التي قد تحدث، يعزز هذا الافتراض تأخر الشركة في إعلان التحذير.
وعلى الرغم من الوعود بحل المشكلة وتقديم هواتف بديلة من نفس الطراز الجديد، إلا أن الشركة تراجعت عن الأمر واكتفت بتأمين هاتف آخر من سلسلة هواتفها، مع تخصيص فرق السعر كرصيد للزبائن يحصلون عبره على خدمات أخرى، في نفس الإطار قدمت الشركة رصيدًا إضافيًا بقيمة 25 دولار أمريكي لجميع المتضررين كتعويض عن التجربة السيئة.
تحول هاتف غالاكسي نوت 7 إلى كارثة على الشركة الكورية الجنوبية، كانت سامسونغ تعول عليه كثيرًا للوقوف في وجه منافستها آبل وجهازها أي فون 7 وميزاته المرتقبة، كما خططت الشركة لمواصلة الانتعاش المالي والاستفادة من مبيعات موسم الأعياد القريب، إلا أن المفاجأة غير السارة غيرت من أهداف الشركة الحالية، لتنحصر في احتواء الأضرار قدر المستطاع والحفاظ على سمعة الشركة، فالجميع حول العالم يتحدث عن حقيقة واحدة فقط ألا وهي هواتف سامسونغ المتفجرة.
تناولت تقارير إعلامية منذ فترة معلومات سلبية تجاه سامسونغ وقدرتها على الصمود في وجه آبل، خاصة أن البيانات الاقتصادية لسامسونغ تظهر وصول ذروة مبيعاتها إلى القمة مع إطلاق هاتف غالاكسي S4 حدث ذلك قبل ثلاث سنوات تقريبًا، ولم تفلح محاولات الشركة عبر إطلاق طرازات أحدث في تجاوز عتبة البيع تلك. أما المعضلة الثانية لجميع مستخدمي نظام تشغيل اندرويد فكانت عندما كشفت إحصائيات مبيعات التجزئة في قطاع الهواتف المحمولة ان نسبة 30 بالمائة من المشتريين الجدد لهاتف أي فون كانوا من مستخدمي نظام التشغيل اندرويد.
ربما دفعت هذه المعلومة عملاق محركات البحث غوغل للإعلان مؤخرًا عن تطوير نظام تشغيل جيد يسمى فوشيا، كخطوة استباقية لموجهة تراجع اندرويد بحسب ما قاله خبراء في قطاع البرمجيات.
التخلص من الأزمة
لا شك أن فريق العلاقات العامة في شركة سامسونغ يتعرض لمجموعة هائلة من الضغوط والتحديات في هذه الأزمة. كان من المفترض أن يعمل الفريق على استغلال جوانب القصور والخلل في جهاز آبل المقبل أي فون 7، وأن يحول أي هفوة للمنافس إلى نقطة قوة تعزز مكانة منتجهم، لكن الجهود الاتصالية اليوم تهتم بالمقام الأول بالحفاظ على سامسونغ وسمعتها التي تلطخت بلهيب البطاريات المتفجرة مع تقديم تفسير لما حصل ومحاولة تقليل الخسائر.
تقول الشركة أن التحقيقات أظهرت وجود عيب في التصنيع، يضع ضغطًا على الألواح في خلايا البطارية مما ينتج عنه اقتراب وتلامس الأقطاب الموجبة والسالبة.
عادًة ما يشار إلى ذلك بالدارة القصيرة، حيث ترتفع درجة الحرارة نتيجة الطاقة المفرغة في نطاق ضيق، قبل أن تحترق البطارية أو تنفجر بالكامل، لذا وفي خطوة سريعة أعلنت الشركة عن إطلاق تحديث يمنع اكتمال شحن البطارية، ويجعل قدرة الشحن القصوى للبطارية لا تتجاوز 60 % كإجراء احترازي، بحسب ما نقلته وكالة اسوشييتيد برس.
شكل جهاز غالاكسي نوت 7 كارثة على المستوى المالي للشركة أيضًا فضلًا عن السمعة السيئة التي ارتبطت بالهاتف اللوحي نفسه، تراجعت أسهم الشركة بواقع 6.7 % خلال أيام قليلة ما شكل خسائر بلغ مجموعها 19 مليار دولار أمريكي، بدون احتساب تكلفة عميلة سحب المنتج من الأسواق التي تبلغ مليار دولار أمريكي، يضاف إليها المبالغ المالية الهائلة التي ستصرف على أنشطة العلاقات العامة الضرورية للمحافظة على مكانة الشركة.
يتوقع المختصون في قطاع الاتصال المؤسسي وإدارة الأزمة أن تلجأ سامسونغ إلى تعجيل إطلاق جهاز غالاكسي S8 قبل الموعد المحدد له، كخطوة لاستيعاب الأزمة. حيث أنه من غير المنطقي المواصلة في تسويق منتج ذو سمعة سيئة بحسب رأي هؤلاء.
يذكر أن سامسونغ للإلكترونيات المحدودة، هي الشركة الكورية الجنوبية التي تمتلك وحدة انتاج الهواتف النقالة، حيث تعرف الشركة عن نشاطها في عالم أجهزة التلفاز والهواتف الذكية والأجهزة القابلة للارتداء والأجهزة اللوحية والكاميرات والأجهزة المنزلية الرقمية والطابعات والمعدات الطبية وأنظمة الشبكات وأشباه الموصلات وحلول الإضاءة إل إي دي LED.