تعتبر الطباعة ثلاثية الأبعاد واحدة من أبرز أساليب البناء والتصميم وإعادة التدوير التي توصلت إليها البشرية في السنوات الأخيرة، خصوصاً مع انتشارها الكبير في الأعوام العشرة الماضية في مختلف أنحاء العالم، حيث نجد العديد من الأبنية والمنشئات الشهيرة التي بنيت باستخدام هذه التقنية.
بعد التوصل إلى التقنيات التي تمكننا من بناء المنازل باستخدام طابعات 3D استطاعت إحدى الشركات التوصل إلى اختراع طابعة 3D متحركة ليكون ذلك سبقاً كبيراً في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد، واليوم يبدو أن طابعات 3D قد دخلت مرحلة جديدة عبر استخدامها في الحرف اليدوية وتصميم الأثاث اليدوي!
أحد المعارض الخاصة بالحرف اليدوية والأثاث في العاصمة الأسترالية سيدني، شهد عرض المصمم الأسترالي بيرتو باندولفو بعض التحف التي تم تصميمها عبر طابعات 3D رغم الجدل الذي أثير حول كون تلك التصاميم تنتمي للتحف اليدوية أم لا.
باندولفو أكد أن تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد تقدم لمحترفي وهواة التحف اليدوية النحت ميزات هائلة، ورغم أن التكنولوجيا هنا تنهي الميزة البشرية في العمل اليدوي إلا أنها المصمم يبقى هو الذي يحدد شكل وتصميم الأثاث والتحف التي ستصنعها طابعات 3D.
أحد الكاتبات في مجال التكنولوجيا أطلقت على الصناعة الجديدة الناشئة في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد اسم “الصناعة اليدوية الرقمية” خصوصاً أنها لا توفر حجم إنتاج كبير مثل غيرها من أساليب الطباعة ثلاثية الأبعاد، كما أنها تستخدم طابعات 3D منزلية يتجاوز سعرها 1000 دولار بقليل وهي تكلفة معقولة لشخص يعمل في الصناعة اليدوية.
كيف يبدو واقع الطباعة ثلاثية الأبعاد اليوم؟
هذا العام شهد مؤتمر عالمياً حول الطباعة ثلاثية الأبعاد وشاركت فيه العديد من الشركات من مختلف أنحاء العالم، وخلال المؤتمر استثمرت شركة Sculpteo المتخصصة في طابعات 3D لتقوم بدراسة حول وضع الطباعة ثلاثية الأبعاد في الوقت.
أبرز النتائج في الدراسة بينت أن 28% من الشركات هدفها الأساسي عندما يتعلق الأمر بالطباعة ثلاثية الأبعاد هو تسريع تطوير المنتجات لديها، كما تستعمل 16% من الشركات طابعات 3D لتقديم منتجات معدلة بالشكل الذي يرغبه الزبون و13% لزيادة المرونة في عملية الإنتاج.
دراسة Sculpteo أظهرت أن 57% من الشركات تستخدم طابعات 3D وتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في تصميم النماذج الأولية وتطبيق التصاميم الخاصة بمنتجاتها، حيث اعتبرت هذه الشركات أن الطباعة ثلاثية الأبعاد تسرع في الانتهاء من المنتج ووصوله إلى السوق.
فيما أكدت 22% من الشركات الخاضعة للدراسة أنها تستخدم الطباعة ثلاثية الأبعاد في منتجاتها التي تقدم للسوق، وتأتي الشركات الأمريكية في صدارة مقدمي منتجات طابعات 3D تليها الشركات الأوروبية.
تقنية Fused Desposition Technology كانت هي التقنية الأكثر استخداماً لدى شركات الطباعة ثلاثية الأبعاد حيث بلغت النسبة 36% من الشركات المشمولة في الدراسة، فيما تلتها تقنية التلبيد باستخدام الليزر حيث تستخدمها 33% من الشركات.
كل الإحصاءات السابقة توضح الأهمية الكبيرة التي تملكها الطباعة ثلاثية الأبعاد بالنسبة للكثير من الشركات وإدراكها للميزات الكبيرة التي تقدمها طابعات 3D في مختلف مراحل الإنتاج وصناعة السلع والخدمات.
مستقبل طابعات 3D
مؤتمر الطباعة ثلاثية الأبعاد لم يوضح فقط مدى الأهمية الحالية التي تشغلها هذه الصناعة بل أيضاً قدم تصوراً مبدئياً للوضع الذي ستعيشه هذه الصناعة في السنوات القادمة، فعلى المدى القصير أكدت العديد من الشركات وبالتحديد 72% منها أنها ستزيد استثمارها في طابعات 3D ومنتجاتها.
كذلك شركات الطاقة التي تستخدم بعض تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد أكد 95% منها أن تقنيات طابعات 95% منها أن تقنيات طابعات 3D هي ميزة أساسية في استراتيجياتها القادمة، وأنها متأكدة من أن منافسيها في المجال سيبدؤون بدورهم باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد وميزاتها.
الطباعة ثلاثية الأبعاد بما تقدمه من ميزات في توفير التكاليف وإعادة التدوير للكثير من المواد ومع اختراع تقنيات جديدة فيها مثل طابعة 3D المتحركة، سيساعدها على الدخول والمنافسة بقوة مع قطاعات اقتصادية أساسية وهامة مثل قطاع العقارات والإعمار، وربما تدفع الكثير من الشركات في ذلك القطاع لتبني تقنياتها.
أيضاً أمام الطباعة ثلاثية الأبعاد قدرة كبيرة على توسيع استخداماتها في المجالات التعليمية والطبية، حيث ستسهل تصميم الأطراف الصناعية أو المفاصل الصناعية وغيرها من الأدوات الطبية التي قد تقلل طابعات 3D تكاليفها بشكل كبير جداً، فيما يمكن استعمالها في مجال التعليم للمساعدة في تصنيع العديد من المجسمات التوضيحية بأقل التكاليف الممكنة.
السنوات القادمة ستشهد بالتأكيد العديد من التطورات والابتكارات الجديدة في مجال طابعات 3D وهو ما سيزيد قدرتها على الاستمرار في مختلف المجالات الصناعية والهندسية والطبية والتعليمية خصوصاً مع زيادة الفهم من مختلف الشركات لضرورة مواكبة تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد، ومحاولة اللحاق بالثورة الضخمة في هذا المجال.