شهد يوم 26 أكتوبر إصدار جهاز Surface Pro وهو أول حاسوب مكتبي تصدره شركة مايكروسوفت عملاق التكنولوجيا في العالم، فبعد الكثير من الإشاعات والتسريبات حول المنتج، قدمت مايكروسوفت واحد من أبرز منتجات التكنولوجيا لعام 2016.
الجهاز ينتمي لسلسة منتجات Surface التكنولوجية من مايكروسوفت والتي تضم حاسب محمول باسم Surface Book وجهاز لوحي يحمل اسم Surface Pro.
الجهاز الجديد سيكون من نوعية All In One (AIO) أي أن الجهاز كله عبارة عن وحدة صغير متصلة بالشاشة بالإضافة للفأرة ولوحة المفاتيح، والانطباع الأول للجهاز يمنحك شعوراً بأن مايكروسوفت استعدت جيداً لأول حاسب مكتبي تنتجه.
العروض الأولى على الإنترنت لحاسوب Surface Pro (سرفيس ستوديو) نالت مشاهدات كبيرة وصلت إلى 9 مليون مشاهدة على موقع يوتيوب بعد خمسة أيام فقط من إطلاق العرض الترويجي له.
التصميم المميز للجهاز هو أول ما جذب المستخدمين وخبراء التكنولوجيا على حد سواء، حيث يقدم الجهاز شاشة بحجم 28 بوصة كما أنها أنحف شاشة كمبيوتر موجودة في العالم حالياً، لكن وزنها يصل إلى 6.1 كيلوغرام وهو ثقيل مقارنة بشاشات أخرى، إلا أن الأداء المميز قد يشفع لمايكروسوفت، كما أنه كمبيوتر مكتبي لذلك فالوزن ليس عاملاً أساسياً للتقييم.
يمكن للمستخدمين الاختيار بين معالج Core i5 و Core i7 التي تنتجها شركة Intel والجهاز مزود ببطاقة رسومات من إنتاج شركة Nvidia وهي 980 تصل قدرته إلى 4 جيجابايت، كما يحوي Surface Studio ذاكرة عشوائية RAM تبلغ 32 جيجابايت، وسعة تخزينية تبلغ 2 تيرابايت.
صحيح أن تلك الميزات الكبيرة يمكن إيجادها في أجهزة كمبيوتر أخرى لكن مايكروسوفت طورت تقنيات أخرى خاصة بها تجعل من Surface Studio تجربة تكنولوجية تستحق دفع سعرها الذي يقدر بـ 3000 دولار بمعالج i5 و4300 دولار بمعالج i7.
ما الذي يجعل Surface Studio فريداً من نوعه؟
الجهاز سيضم نظام صوت محيطي مميز إضافة لوضع وحدة تزويد الطاقة ضمن قاعدة الكمبيوتر بما يوفر مساحة كبيرة ويجعل تصميمه جذاباً للنظر بشكل مذهل.
لكن اسم الجهاز وهو Studio يجعل الجانب البصري هو الأهم فيه وهذا ما عملت عليه مايكروسوفت بجدارة، حيث وفرت شاشة تملك دقة لونية هائلة تصل إلى 13.5 مليون لون (شاشات 4K عالية الدقة تملك 8.3 مليون لون) وهي مثالية جداً للمصممين الجرافيكيين والمصورين الفوتوغرافيين.
كما يمكن للمستخدم إمالة الشاشة حتى زاوية 20 درجة للعمل بأفضل طريقة وأكثرها إراحة للمستخدم.
أبرز ابتكارات مايكروسوفت التي تتوسع بسرعة، كان اختراعها الجديد الملحق بالجهاز وهو مقبض Surface Dial والذي يشبه شكله مقبض آلات الغسيل الأوتوماتيكية! حيث يتم تثبيته على الشاشة حيث يعمل عبر الإشارات الشعاعية ويقدم للمستخدم العديد من الوظائف والاستخدامات.
مثلاً يمكن استخدام Surface Dial للرسامين والمصممين للتحكم بميلان الصورة وتحريكها وتغيير اللون المستعمل ودرجاته وتعديل الكثير من التفاصيل، وكذلك يقدم وظائف عامة مثل التحكم بدرجة الصوت مثلاً والكثير غيرها، ويبلغ سعر قطعة Surface Dial 100 دولار.
شاشة جهاز Surface Studio تعمل باللمس بالإضافة لوحدة اللمس الخاصة Surface Pen وهو قلم يعمل بسلاسة على شاشة الجهاز حيث يستعمل لتعديل الصور والكتابة وتعديل النصوص والملفات، والعديد من الاستخدامات المتنوعة.
مايكروسوفت قدمت Surface Pen كإضافة مميزة حيث لا تجعل المستخدم يشعر بأي فرق عن استخدام قلم عادي إذ تستجيب الشاشة للأوامر بسرعة فائقة دون أي مشاكل أو تباطؤ، وبدقة مثالية حين يتعلق الأمر بالكتابة أو تعديل الصور.
العديد من التسهيلات أضيفت على نظام العمل في الجهاز حيث لا يستجيب لأي لمسات عرضية مثل تلك التي تحدث بالمرفق وما شابه، ويمكن للمستخدم الخربشة على نص لتحديده أو حذفه ويمكن بلمسات سريعة تحديد سماكة الخط ولونه للفرشاة عند العمل على برامج الرسم.
حاسوب Surface Dial سيعمل على أحدث أنظمة التشغيل من مايكروسوفت وهو Windows 10 وتقنية مداخل USB 3.0 إضافة لاحتوائه على مدخل Ethernet لشبكة الإنترنت فائق السرعة.
كيف ستستفيد مايكروسوفت من Surface Studio؟
لا يمكن الحديث عن أي استفادة ستحققها شركة مايكروسوفت من منتج Surface Studio دون وضع ذلك في ضوء منافستها الشرسة مع شركة آبل والتي ما زالت مستمرة منذ سنوات.
فبعد إعلان مايكروسوفت عن إطلاق عن جهازها المكتبي الأول أعلنت آبل عن إصدار جهازها الجديد MacBook Pro وهو حاسوب محمول يحوي ميزات تكنولوجية جديدة مثل أزرار إضافية قابلة للمس وعتاد أقوى من الجيل السابق ووزن خفيف جداً.
لكن خبراء التكنولوجيا يؤكدون أن مايكروسوفت تتفوق اليوم على آبل في مجال الحواسب القابلة للمس، ويرجعون الفضل في ذلك إلى المدير التنفيذي الحالي لمايكروسوفت ساتيا ناديلا، في حين تبقى آبل بحسب الخبراء متفوقة في قطاع الهواتف من خلال Iphone.
في حال استطاع منتج Surface Studio أن يحقق الجودة التي تتحدث عنها مايكروسوفت ويحقق مبيعات شبيهة بمنتجات Surface السابقة، فإن مايكروسوفت ستكون حققت إنجازاً كبيراً بإصدار منتج ناجح للسنة الثالثة على التوالي، وهو ما يندر أن تحققه شركة أخرى حتى لو كانت بضخامة آبل.
ففي سنة 2014 أصدرت مايكروسوفت جهازها اللوحي Surface Pro 3 ثم اتبعته في 2015 بالحاسوب المحمول Surface Book وحقق الجهازان نجاحاً كبيراً في السوق ووصلت المبيعات في الربع لأخير من عام 2015 إلى 1.6 مليون قطعة.
إضافة لمنتجات سلسلة Surface فإن مايكروسوفت تحت قيادة ناديلا طورت العديد من المنتجات التكنولوجية المذهلة مثل HoloLens Headset وهو جهاز يوضع على الرأس ويقوم على نظام يدعى الواقع المختلط (Mixed Reality) للتحكم بالحاسوب، ويمكن القول أنه يبدو وكأنه يسبق التكنولوجيا الحالية بسنوات!
كذلك عمل ناديلا الرجل الأبرز في مايكروسوفت حالياً بعد بيل غيتس على دفع الشركة نحو إجراء تغييرات مهمة وجديدة على نظام التشغيل الخاص بمايكروسوفت Windows 10 تضمنت جعله أكثر سلاسة وتوافقاً مع مختلف الأجهزة والحديث عن العمل على جعل أنظمة التشغيل أكثر توفيراً للطاقة من خلال تقليص الجهد في الأجهزة التي تعمل عليها.
كل تلك التغييرات ونجاح منتجات Surface السابقة تنبأ بنجاح قادم لحاسوب Surface Studio خصوصاً مع كونه موجهاً نحو المستخدمين المتخصصين مثل المصورين الفوتوغرافيين والرسامين والمصممين الجرافيكيين، وكذلك المستخدمين العاديين الذي يرغبون بتجربة مثالية لإنجاز أعمالهم المكتبية والدراسية.
الأيام القادمة قد تحمل ارتفاعاً في أسهم شركة مايكروسوفت شبيهاً بالارتفاع المفاجئ الذي حصل في افتتاح الربع الأخير من العام الحالي، حين ارتفع سهم الشركة بنسبة 4% بعدما تفوقت على نتائج المحللين الاقتصاديين والذين توقعوا أرباحاً تبلغ 58 سنت للسهم، في حين حققت مايكروسوفت 69 سنت للسهم، ويرجع ذلك للأرباح المتزايدة التي حققتها الشركة من خلال منتجاتها وخدماتها المختلفة ومنتجات سلسلة Surface ليست استثناءً من ذلك.
حتى الآن لم يمض أكثر من أسبوع على إصدار Surface Studio ولكن التوقعات عالية حوله، والأيام القادمة ستحدد مدى النجاح الذي سيحققه لشركة مايكروسوفت التي ستحسم قرارها فيما إذا كانت ما زالت تمضي للأمام بقيادة مديرها الخبير ساتيا ناديلا، أم أن عليها التريث قليلاً ومراجعة سياستها في إصدار منتج جديد كل سنة.