تظهر كآبة فصل الشتاء مع حلول شهر نوفمبر الذي يحمل معه الغيوم والأمطار فيقصر النهار ويخفت ضوء الشمس،
ليغدو مزاجنا خافتاً وغامضاً أيضاً، ويصبح الغضب أو الحزن أو قلة النشاط والطاقة والاهتمام هي الأحاسيس الرائجة بين أغلب الأشخاص.
وعندما تبدو الأمسيات قاتمة والأيام أقل إشراقاً، يؤدي الإفراط في إنتاج الميلاتونين إلى الشعور بالتعب،
ما يضفي شعوراً بالحزن يصعب معه تنظيم هرمون السيروتونين المسؤول عن توازن الحالة المزاجية.
وكآبة فصل الشتاء تجعل مشاعر اليأس والعدمية تسيطر على الأشخاص ما يدفعهم للانعزال اجتماعياً،
وهذه المشاعر يصاب بها النساء بأربع مرات أكثر من الرجال،
والاكتئاب خلال تغيير الفصول أو ما يسمى بالاضطراب العاطفي الموسمي يصيب الأشخاص بين سن 18 -30.
وعندما تقصر فترة النهار، يقلل جسمك من إنتاج هرمون السيروتونين المعروف بهرمون السعادة،
والذي يقلل من القلق والحزن والجوع، وعليه تحتاج لإمداد جسمك بمزيد من الحمض الأميني “التريبتوفان”،
المسؤول عن صنع السيروتونين، والموجود في مأكولات مثل الجوز والشوكولا والموز، لكن عليك الحذر من الإفراط في تناولها لتحافظ على وزنك.
وعليه يمكنك إجراء تغييرات بسيطة على نمط الحياة وابتاع نظام غذائي صحي لتعزيز معنوياتك وتجنب كآبة فصل الشتاء، وقبل الحديث عن هذه التغييرات لنتعرف أكثر على هرمون السيروتونين.
ما هو هرمون السيروتونين؟
تتأثر الحالة النفسية للإنسان بالهرمونات فتوازنها يشعره بالسعادة فيما يسبب له انخفاضها الاكتئاب، ويعد هرمون السيروتونين مضاد اكتئاب طبيعي ويتمتع بالكثير من الوظائف الهامة.
الاسم العلمي للسيروتونين هو “هيدروكسي تريبتامين – 5″، “5-HT”، والهرمون عبارة عن مواد كيميائية ترسل إشارات بين الخلايا العصبية في جسم الإنسان، ويتواجد في الصفائح الدموية، وفي جميع أنحاء الجهاز العصبي المركزي، لكن 90% منه نجده في الجهاز الهضمي، ويتراوح المعدل الطبيعي لمستويات السيروتونين في الدم ما بين 101 إلى 283 نانوغرام لكل مليلتر.
أهمية ووظائف هرمون السيروتونين
وبوصفه ناقل عصبي، يرسل هرمون السيروتونين رسائل بين الخلايا العصبية في الدماغ، ما يجعله عامل مهم للحفاظ على الصحة العقلية.
ويُعرف السيروتونين أحياناً بالمادة الكيميائية السعيدة، نظراً لدوره في تنظيم مزاج الإنسان، وقد ارتبط انخفاض مستويات السيروتونين في الدماغ بالاكتئاب، لكن من غير الواضح ما إذا كانت مستويات السيروتونين المنخفضة تسبب الاكتئاب أو العكس.
وبالإضافة إلى الاكتئاب، قد يلعب السيروتونين دوراً في اضطرابات أخرى في الدماغ والصحة العقلية،
- بما في ذلك اضطراب القلق،
- واضطراب الوسواس القهري
- (OCD)، واضطراب الإجهاد اللاحق للصدمة
- (PTSD)، واضطراب نقص الانتباه
- (ADD)
- الفوبيا،
- الصرع.
كما يعد هرمون السيروتونين عاملاً أساسياً في تنظيم الشهية وعملية الهضم ودورة الاستيقاظ والنوم، وحتى الجنس، وترتبط المستويات العالية أو المنخفضة جداً من السيروتونين بأمراض مثل متلازمة الأمعاء المتهيجة (IBS)، وأمراض القلب، وهشاشة العظام.
وفي السنوات الأخيرة، وجد العلماء أن بكتيريا الأمعاء تساعد على إنتاج هرمون السيروتونين وأن معظم إمدادات الجسم من السيروتونين يمكن العثور عليها بالفعل في بطانة المعدة والأمعاء.
ويعتمد علاج نقص السيروتونين على تشخيص الطبيب بعد إجراء الفحوصات المناسبة،
حيث يمكن زيادة مستويات السيروتونين عن طريق الأدوية، لكن يجب الانتباه إلى أنه عند بدء استخدام دواء مضاد للاكتئاب،
أو زيادة الجرعة منه، أو عند تناول نوعين من الدواء يرفعان مستويات الجسم من السيروتونين في الوقت نفسه،
سيتراكم السيروتونين في الدماغ، وهو ما يسمى بمتلازمة السيروتونين.
مادة التريبتوفان ودورها بإنتاج هرمون السيروتونين
ويمكن تعزيز وجود هرمون السيروتونين في الجسم بشكل طبيعي عبر اتباع نظام غذائي صحي يضم أطعمة تحتوي على مادة التريبتوفان
وهو حمض أميني أساسي مهم في إنتاج السيروتونين، وبناء البروتين.
واقترحت بعض الدراسات أن تناول الأطعمة الغنية بالتريبتوفان مثل البيض، والجبن، والمكسرات،
قد يزيد من مستويات هرمون السيروتونين في الدماغ ويساعد في علاج أعراض الاكتئاب،
فيما لم تجد دراسات أخرى أي علاقة بين الأطعمة الغنية بالريبتوفان أو المكملات الغذائية وأعراض الاكتئاب.
وتشير معظم الأبحاث إلى أن أي دفعة سيروتونين تحصل عليها من تناول الأطعمة عالية التريبتوفان قد تكون صغيرة،
لأن الأطعمة الغنية بالتريبتوفان تحتوي أحماض أمينية أخرى تتنافس فيما بينها ليتم استيعابها في الدماغ.
طرق تساعدك على رفع معنوياتك ومواجهة كآبة فصل الشتاء
اجعل أكلك أكثر ذكاءً
بعض الأطعمة، مثل الشوكولا يمكن أن تساعد في تحسين مزاجك ومواجهة كآبة فصل الشتاء،
وإذا كنت لا تحب أكل السمك عليك ان تعوض جسمك بمكملات فيتامين د،
وحافظ على صحتك عبر أكل الفاكهة والخضروات الغنية بالزنك،
وفيتامين C لنزلات البرد، وشرب كميات كافية من السوائل.
ابق نشيطاً
في الأيام الباردة المظلمة، قد يكون من الصعب عليك مقاومة رغبة البقاء في السرير،
لكن من المهم الاستمرار في الحركة والنشاط، ومواكبة العمل أو المدرسة أو الالتزامات الاجتماعية، أي نشاط تستمتع به.
مارس الرياضة
في دراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2005، تبين أن المشي السريع لمدة 35 دقيقة يومياً بمعدل خمس مرات في الأسبوع
أو 60 دقيقة في اليوم ثلاث مرات في الأسبوع،
يحسن أعراض الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط، كما أن ممارسة التمارين تحت الضوء الساطع تساعد على تحسين الصحة العقلية العامة والأداء الاجتماعي.
اجعل بيئتك أكثر إشراقاً
عندما يتوق جسمك إلى مزيد من ضوء النهار، فإن الجلوس بجانب ضوء اصطناعي لمدة 30 دقيقة يومياً يمكن أن يكون فعالًا
مثل الأدوية المضادة للاكتئاب، وبالتالي فتح الستائر، وتقليم فروع الأشجار، والجلوس قرب النوافذ
يمكن أن يساعد في توفير جرعة إضافية من أشعة الشمس.
استمع إلى الموسيقى
في دراسة أجريت عام 2013 ، أظهر الباحثون أن الاستماع إلى الموسيقى أدى إلى تحسن كبير في مزاج المشاركين على المدى القصير والطويل.
ركز على الإيجابيات
خذ وقتاً في كل صباح أو نهار لتدوين قائمة بالإيجابيات أو الأشياء التي تشعر بالامتنان تجاهها ليتحسن مزاجك،
ويمكنك مشاركتها على فيسبوك أو تويتر إذا رغبت بذلك لإلهام أصدقائك وعائلتك.
تكلم عن الاكتئاب
واحدة من أفضل الطرق للشعور بالتحسن هي الانفتاح والتحدث عن حالتك مع أصدقائك فقد تجد المساعدة من خلال تبادل الأخبار والنصائح،
وإذا استمر شعورك بالحزن أو الخمول لأسابيع ننصحك بطلب مساعدة مختص.
كما ننصحك أيضاً بالعمل تطوعي، والضحك وارتداء الملابس الملونة والرقص أو امتلاك حيوان أليف كالقطط، وأن تنطلق في رحلة أحلامك لأجمل أماكن زرتها سابقاً، وتمتع بالسعادة التي تصب في داخلك.