يعتبر مونتاج الفيديو وتحرير الصور التي التقطت في رحلة ما من أكثر المهام صعوبة بالنسبة لنا جميعًا، ولطالما تركنا مجموعات ضخمة من الصور التي تحوي لحظات ومواقف مميزة، حبيسة أجهزة التخزين الرقمية بدون معالجة، والسبب دائما هو حجم الوقت والجهد الكبير الذي نحتاجه حتى نصنع النسخ النهائية من تلك اللحظات التاريخية.
يعود ظهور تقنيات المونتاج الى وقت بعيد من تاريخ الصور المتحركة والسينما، أما أصل الكلمة فهو فرنسي (Montage) وتعني تركيب أو توليف المقاطع بشكل متتالي ومنطقي بدون انقطاع.
وعلى اعتبار أن عين الانسان تحتفظ بأثر آخر صورة شاهدتها لمجموعة من الثواني، فإن ترتيب المشاهد المصورة وتنسيق تواليها أمر حيوي لنجاح الشريط المصور وهو ما يمكن تسميته بالوصف المختصر لمهمة المونتاج. كانت هذه الأمور أساسية بالنسبة للإنكليزي بيتر روجيت الذي اكتشف عام 1823 خاصية استمرار الرؤية للعين كما سماها في حينها، ومعه فعليًا تأسس لعصر الفيديو، إلا أن تطور التكنولوجيا الحديثة جعل من التقنيات المستخدمة سواء في المونتاج أو تصوير المشاهد وحتى الصور العادية، أداة هامة في الإبهار البصري الذي نعيشه في كل مناحي حياتنا من الإعلانات المصورة وحتى تلك المطبوعة.
من منا لم يشاهد حركة السيارة الرياضية التي تتمايل بانسيابية أخاذه مع انعطافات الطريق في إعلان تجاري، أو لم يشاهد صاروخ ينطلق بسرعة هائلة ليصور بكل دقة وفي نفس اللحظات جلّ ما يعتري حركته ويمر أمامه من سحب وسماء زرقاء، لا بل أكثر من ذلك، لقد أصبحت مشاهد المغامرات الشخصية تغزو مواقع التواصل الاجتماعي خاصة بعد انتشار كاميرات الحركة المقاومة للاهتزاز، فساهمت هذه المنتجات في انتاج فيديوهات ساحرة لمغامرات الناس الطبيعيين التي تحبس الانفاس.
ماهي كاميرا المونتاج الذاتي-Frodo؟
بداية الأمر يعود إلى ظهور كاميرا الأكشن (Action Camera) كما يحب البعض تسميتها، وهي عبارة عن كاميرا رقمية مصممة لتصوير المغامرات ومشاهد الحركية والتحديات، وغالبًا ما تكون هذه الكاميرات صغيرة الحجم ومقاومة للماء. تمتلك هذه الكاميرات تقنية معالجة حديثة تسمح لها بتصوير آلاف اللقطات في الدقيقة الواحدة.
توسع انتاج هذا النوع من الكاميرات في السنوات الماضية وكانت شركة GoPro من رواد صناعتها وكذلك تقديم التجهيزات الملحقة بها من الذاكرة الرقمية المخصصة لتسجيل مليارات البيانات، فضلًا عن سواعد الحمل والتثبيت التي تعطي المستخدم فرصة للتغلب على صعوبات الحركة.
وعلى الرغم من أن معظم المسافرين والمغامرين يمتلكون الشغف الكبير لتنفيذ مهامهم إلا أنهم يفتقرون في الغالب إلى الصبر لتحرير الفيديو أو الصور التي سبق لهم تسجيلها. لكن الأمر لم يعد بهذه الصعوبة بعد اليوم، خاصة مع الإعلان عن مشروع لأحد رواد الأعمال عبر منصة التمويل التابعة لشركة Indiegogo.
الحل الجديد يأتي من خلال فرودو ” Frodo “ وهي كاميرا جديدة مخصصة للتعامل مع أصعب اللقطات خلال الحركة. لهذه الكاميرا شكل ساعة اليد الذكية التي يمكن تثبيتها حول المعصم أو الساعد او على الخوذة في منطقة الرأس. وتستخدم خوارزمية برمجية تساعد في تحرير واختصار الفيديوهات آليًا مما يساعد في رفعها على منصات وشبكات التواصل الاجتماعية بكل يسر وسهولة.
الكاميرا متوافقة مع أنظمة التشغيل الرائجة في الهواتف الذكية مثل آندرويد أو آي أو أس وتعمل مع التطبيقات المخصصة لشبكات الإعلام الاجتماعي. كما تمتلك الساعة -الكاميرا خمسة خيارات تسمح للمستخدم بتحرير ومونتاج الفيديو بالطريقة الأنسب بحسب التفضيلات الشخصية. وتقف مهمة المستخدم عند هذا الحد، في الوقت الذي يعمل الذكاء الصناعي في تحرير ومونتاج الفيديو أو الصور أوتوماتيكيا.
برنامج الكاميرا يحوي نظام برمجي ذكي ومتطور للتحقق من وجوه الأشخاص الظاهرين في التسجيلات، كما يمكنها مونتاج فيديو من 15 ثانية لأفضل اللقطات المميزة وتجهيزه لرفعه على موقع الانستغرام. يمكن للكاميرا أيضًا التعلم من سلوك المستخدم وتفضيلاته وذوقه العام حتى تقدم له ما يرغب به بدون عناء يذكر بحسب ما قاله مطور الكاميرا خلال التعريف عن مشروعه حيث أطلق حينها حملة جمع التمويل التي قاربت على الانتهاء.
تلتقط الكاميرا فيديو من نمط (1080p HD) وبمعدل 30 إطار او لقطة في الثانية الواحدة، أما دقة الصور فتصل إلى ثمانية ميجا بيكسل مع استخدام العدسة المفتوحة بدرجة 120.وتوفر الكاميرا ذاكرة تخزين تصل إلى حجم 16 GB أو 32 GB وتعمل بطاريتها لوقت يصل إلى ساعة ونصف من الزمن، كما يمكن دعهما ببطارية ثانية لتصل إلى خمسة ساعات من التسجيل المستمر.
الفيس بوك ضمن الميزات
ثبات الكاميرا ومقاومة الاهتزازات من الأمور الحساسة في مثل هذه المواقف، ولذلك دعمت الكاميرا بستة مجسات للحركة من عدة اتجاهات تراقب المعطيات في البيئة المحيطة وتضبط إيقاع الكاميرا لتجنب النتائج السلبية الناتجة عن ظروف الحركة الشديدة. ومع ذلك لم ينسى المطور اتاحة نمطين للمونتاج يمكن التنقل بينهما ببساطة الأول هادئ يناسب البيئات الرتيبة والآخر حماسي سريع يقابل الاستخدام في الأماكن التي تكثر فيها الحركة.
من المتوقع أن تظهر الكاميرا في الأسواق خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني بسعر 239 $ وفق ما قاله “راهول بوكي ” من الهند أحد المطورين المشاركين في العمل.
وكشف ” بوكي” خلال حديثه عن المشروع أنهم يخططون لزيادة التمويل الازم مقابل إضافة خاصية البث المباشر عبر الفيس بوك حيث قال” مع وصول التمويل إلى 75 ألف دولار فإننا نستطيع إضافة ميزة التوافق مع الفيسبوك بما يسمح للمستخدم ببث فيديوهات مباشرة عبر حسابه الشخصي”
وكان موقع الفيسبوك الغني عن التعريف قد أطلق ميزة ” فيديو مباشر” للمستخدمين على شبكته، حيث أصبح بإمكان الجميع مخاطبة الأصدقاء عبر تصوير فيديو مباشر ثم استقبال التعليقات من المشاهدين على نفس الفيديو بهدف زيادة التفاعل. وبدأ الموقع في اتاحة الخدمة لثلاثين بلدًا قبل أن يضيف المزيد من المواقع الجغرافية بعد أسابيع.
من المتوقع أن يحدث هذا المنتج الجديد ثورة في مجال انتاج الفيديوهات الشخصية المحررة بطريقة احترافية، خاصة في حال نجح في الوفاء بالوعود التي قطعها للمستخدمين المنتظرين.
يبقى أن نشير أن المشروع يترافق بزخم وتقبل شعبي كبير، وصل إلى مختلف محلات بيع التجزئة التي بدأت تعلن عن استعدادها لتوفير كاميرات فرودو “” Frodo وتجهيزاتها للراغبين في الشراء.