تحتضن مدن الجزيرة الأسترالية مهرجان الفيلم العربي السنوي في دورته الرابعة عشر، والذي من المفترض أن يقام ما بين الفترة الممتدة من السابع عشر من شهر آب الجاري وحتى التاسع من شهر أيلول القادم، فيما تتنافس مجموعة واسعة من الانتاجات العربية على استقطاب الجمهور.
ويشارك في المهرجان أعمال فنية من مختلف الثقافات والحكايات الناطقة باللغة العربية، ضمن جدول مشوق وثري يتضمن برامج فنية غنية وأفلام متنوعة، بدايةً من البرامج الوثائقية وانتهاءً بقصص الحب التقليدية، وتتوزع الاعمال على عدة بلاد عربية، كالبنان ومصر والجزائر والاردن وفلسطين والعراق وتونس
يفتتح المهرجان مساء الخميس السابع عشر من شهر آب، ضمن حفل كبير تستضيفه مسارح ريفرسايد-ضاحية باراماتا، في سيدني أقدم واعرق مدينة أسترالية. ويقدم خلاله العمل الكوميدي الرومانسي ” مَحبَس” من إخراج صوفي بطرس.
بعدها تتنقل العروض ضمن المدن الأسترالية، لتصل إلى مدينة ملبورن ما بين (25 – 27 اَب)، ثم إلى العاصمة كانبيرا ما بين (1-2) أيلول، وأخيرًا بمدينة بيرث في التاسع من أيلول.
يسعى المهرجان لتقديم جزء من الفنون العربية ويرصد بعض الإشكاليات الحرجة، في علاقة المهاجر مع وطنه الجديد، من خلال القصص الدرامية والشخصية حتى، حيث يقول أسامة سامي أنه كتب سيناريو عن قصة حبه الحميمية سعيًا منه لتسليط الضوء بشكل إيجابي على الحياة الإسلامية في أستراليا، وتقويم الصورة النمطية السلبية التي تقدمها وسائل الإعلام الغربية عن المسلمين.
سيناريو الفلم المضحك الذي لعب فيه أسامة سامي دور البطل، يحمل رسائل مبطنة للجمهور، ويقدم أفكار غنية عن الحياة الإسلامية والمعتقدات والقيم التي يحملها اتباع هذه الديانة السماوية.
كيف تحولت العلاقة السورية – اللبنانية إلى فيلم سينمائي؟
يتناول فيلم ” مَحبَس” جدلية العلاقة ما بين شعبين لهما أصل واحد، حيث يروي قصة تجسد العلاقة الأزلية المحيرة بين عداء وصداقة البلدين الجارين سوريا ولبنان، وينقل الوقائع برمزية، خفيفة عبر رواية قصة سيدة تدعى تيريز، لا تزال تتألم من فقد شقيقها الوحيد الذي قضى في قصفٍ سوري للبنان، إبان فترة من فترات الاضطرابات السياسية والحرب التي عصفت في ذلك البلد.
تعيش بطلة الفيلم تيريز حياة قاسية في تلك الفترة، وتبدأ التركيز على تربية ابنتها الوحيدة كتعويض عن فقدان الأخ والزوج والحياة في ظل الحروب الأهلية وتصفية الحسابات الإقليمية على أرض لبنان.
ثم يأتي اليوم الذي انتظرته السيدة الخمسينية لتذوق طعم الفرح من جديد، فالابنة وقرة العين قد كبرت، وتقدّم لها شاب لخطبتها، لتكتشف لحظة استقباله أنه سوري وتنفجرردة فعلها بالقوة “لن تتزوجي السوري“! ثم تتابع فصول الحكاية موصلة إلى نهاية يتحرق المشاهد لمعرفتها.
شخصية تيريز في الفيلم تحمل كم كبير من الحقد لسنيين طويلة، فشلت السيدة في التخلص منه لتجد أمامها مجموعة من اللاجئين السوريين يبحثون عن ملاذ في بلدها، ويتحولون سريعًا إلى أعداء لها.
تعلق المخرجة صوفي بطرس على العمل بقولها “لقد أصبح العالم قرية واحدة كبيرة، إلا أن العنصرية والتعصّب والكراهية والتحيّز في كل مكان” وتضيف “في عالم يحترق بالأزمات والحروب، لا يزال بلدان متجاوران، هما لبنان وسوريا، يتغذيان على ثقافة الدمار وعلى التاريخ المظلم المشترك”.
(محبس) يناقش بصورة درامية هذه التركة الثقيلة، فيحوّلها من كتلة مؤلمة إلى منصة للضحك والسخرية من تلك الندوب بين العائلتين والبلدين ” كما يسخر من رفضنا بعضنا بعضاً” بحسب المخرجة.
زفاف علي المسلم!
يضم المهرجان فيلم ” زفاف علي” كعمل فريد من نوعه يجمع بين الدراما والكوميديا، بصورة حنون تنقل وقائع حياتية وسلوكية عن معيشة المسلمين في استراليا مصوراً صعوبة تقارب الثقافات.
يتكون الفيلم القصير من مئة دقيقة عرض من إخراج جيفري ووكر كتبه الممثل والكاتب الكوميدي ذو الاصل العراقي أسامة سامي كما شغل دور البطولة فيه، عرض الفيلم في مهرجان أيلايد السينمائي والذي فاز حينها بجائزة أفضل نص.
يحكي الفيلم القصة الحقيقية للكاتب أسامة سامي بدور علي، الشاب العربي الوسيم والمسلم الذي يعيش في استراليا، وهو ابن لرجل دين معروف في المنطقة التي يعيشون بها
علي يحمل حلماً وحباً كبيرين للفتاة التي وقع في حبها، فيبدأ صراع افكاره مابين تحقيق حلمه وبين إرضاء والده رجل الدين المعروف في المنطقة ليجعله فخور به.
الفيلم يعتبر المثال الحي الواقعي الذي يقوم بنقل الصورة الحقيقية لحياة أغلب المسلمين في استراليا لا بل في كافة الدول الأجنبية. ويسعى لنفي وكسر الافكار السيئة الغير صحيحة التي انتشرت مؤخراً عن الدين الاسلامي والمسلمين. ثم نتج عنها إثارة الفتن والحروب الأهلية ضمن الشعوب العربية، وقرارات منع دخول المسلمين إلى أمريكا.
يبقى أن نشير إلى أن العمل يحفز مشاهدوه لزرع الأمل، ويقطع الطريق أمام العديد من القصص المماثلة التي لا تحاول فقط تشويه الدين الاسلامي وانما كافة الطوائف والاقليات الموجودة في مجتمعاتنا.