أدى الخوف من حدوث اضطراب في الصادرات العالمية للحبوب من روسيا وأوكرانيا إلى ارتفاع حاد في أسعار عقود القمح في أسواق السلع. وكانت سلاسل التوريد العالمية مازالت متأثرة بصدمة COVID مما أدى إلى تفاقم الأزمة وارتفاع أسعار عقود القمح لمستويات غير مسبوقة.
أسعار عقود القمح تقفز بعد القرار الروسي
بعدما تجددت الآمال بشأن حدوث انتعاشة في صادرات القمح وانتظام سلاسل التوريد،
فاجئت روسيا العالم بقرار قلب الطاولة في سوق القمح،
ليعوض سعر القمح كافة خسائره الصباحية في جلسة أول أمس ويرتفع مرة أخرى وبقوة.
وقالت وزارة الزراعة الروسية:
إن روسيا قد تحظر صادرات القمح والجاودار والشعير والذرة من 15 مارس إلى 30 يونيو.
وارتفعت أسعار القمح بعد القرار بما يقرب من 4% ليقفز سعر البوشل إلى مستويات قرب الـ11.48 دولار للبوشل
بينما سجل أدنى سعر أول أمس قبل القرار عند مستويات 10.64 دولار للبوشل.
بداية ارتفاع أسعار عقود القمح
لم تكن الحرب هي السبب الوحيد وراء ارتفاع الأسعار،
بل كانت هي مجرد الشرارة التي أشعلت الأسعار لأعلى مستوياتها.
فمنذ العام الماضي وأسعار القمح في تزايد بسبب عدة أسباب:
- قيام وزارة الزراعة الأمريكية بتخفيض توقعاتها للإمدادات والعائد في الولايات المتحدة لعام 2021/2022 لكلتا السلعتين لتخفض إمدادات الذر ة إلى 14.8 مليار بوشل، بانخفاض 415 مليونًا عن توقعات يوليو. حيث فاجأت الأسواق بخسائر أكبر من المتوقع في الغلة لكل من الذرة والقمح ، وهو ما ينعكس في نشاط الأسعار.
- كذلك أدى ارتفاع درجات الحرارة وحالات الجفاف في داكوتا وكندا الوسطى إلى ارتفاع أسعار القمح إلى أعلى مستوى لها منذ ما يقرب من ثماني سنوات.
- مشاكل سلاسل التوريد تأثرا بأزمة كورونا وتبعاتها.
الحرب تشعل الأسعار
بحلول 24 فبراير، صباح اليوم الذي غزت فيه روسيا أوكرانيا، وصلت أسعار العقود الآجلة للقمح في مجلس شيكاغو للتجارة إلى أعلى مستوى لها منذ يوليو 2020 ، حسبما ذكرت كوارتز في ذلك الوقت.
أوكرانيا وروسيا، اللتان يطلق عليهما منذ الماضي اسم “سلة غذاء أوروبا” لكونهما من كبار المصدرين للحبوب، فهما مسؤولتان معًا عن 29 بالمائة من تجارة القمح العالمية. وقد اضطرت أوكرانيا، التي تدير خمسة موانئ رئيسية للحبوب ، إلى إغلاقها في أعقاب الغزو الروسي مباشرة، ومنذ ذلك الحين حظرت الصادرات من أجل ضمان بقاء الإمدادات الغذائية للبلاد مستقرة وسط الصراع.
ويوم الخميس الماضي، أعلنت روسيا أنها ستفعل الشيء نفسه، كما فعلت دول أخرى خارج الصراع، مثل مصر، خوفًا من أن تؤدي اضطرابات سلسلة التوريد العالمية إلى إجهاض احتياطياتها ونفاذها.
صناديق تداول عقود القمح تتوقف عن إصدار أسهم جديدة
في الأسبوع الماضي، اضطر صندوق Teucrium Wheat Fund، وهو صندوق ETF قائم على تداول القمح، إلى التوقف عن إنشاء أسهم جديدة بعد ارتفاع طلب المستثمرين، حيث يمتلك الصندوق عددًا محدودًا من الأسهم التي يمكن بيعها إلى المستثمرين وهي 7.4 مليون. لكن عندما أعرب عدد كبير من الأشخاص عن اهتمامهم بجني الأموال من تداول عقود القمح؛ ارتفع سعرها وتم التداول عليها بارتفاع كبير عن القيمة الفعلية للصندوق .
هل يمكن أن نواجه أزمة عالمية من نقص القمح؟
قال بنك جولدمان ساكس يوم الثلاثاء إن سوق الحبوب العالمي يتجه نحو “الصدمة الأكبر” التي مرت بها منذ عام 1972 ، عندما اشترى الاتحاد السوفيتي مخزون القمح الأمريكي وسط فشل المحاصيل الهائل في حادثة عُرفت باسم “سرقة الحبوب الكبرى”. وذلك حسبما ذكرت بلومبرج نيوز.
ويخشى الخبراء في مجال الأمن الغذائي العالمي من أن يؤدي ارتفاع أسعار العقود الآجلة وتوقف التجارة إلى نقص سلعة حيوية مثل القمح على أرفف المتاجر.
وقال ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي أن العالم بالفعل يواجه مستوى غير مسبوق من الجوع، لكن غزو أوكرانيا يمكن أن ينقل أزمة الجوع العالمية إلى مستويات تتجاوز أي شيء رأيناه من قبل.
وعلى الرغم من أن دولا مثل الصين والهند تحتفظ باحتياطيات هائلة من الحبوب مصممة لتحمل الاضطرابات في الإمدادات الغذائية العالمية.
لكن بينما تعتمد الولايات المتحدة على احتياطيات كبيرة من السلع الأساسية الأخرى – مثل النفط – لتحمل تداعيات عقوباتها على روسيا،
فإن احتياطياتها الاستراتيجية من الحبوب لا تساوي شيئا.
توقعات أسعار عقود القمح
قالت الأمم المتحدة منذ أيام أنه من المتوقع أن تشهد الأسعار المزيد من الارتفاع مما يعمق مشاكل المستوردين،
خاصة في ظل تعثر سلاسل الإمداد وموجة الحظر التي فرضت على الموانئ الروسية والأوكرانية.
ومن المتوقع أن تصل أسعار القمح إلى مستويات 14 دولار للبوشل في نهاية العام الجاري
2022 إذا استمرت الحرب الروسية على أوكرانيا.