استطاعت الآفاق الواسعة وفرص العمل والرواتب الجيدة في دبي، أن تجعل من الإمارة واحدة من أفضل الوجهات للوافدين الباحثين عن تعزيز حياتهم المهنية، لتتفوق بذلك على مدن كبرى مثل لندن ولوس انجليس، وسان فرانسيسكو ونيويورك وباريس.
ويبلغ متوسط الرواتب في دبي نحو 138.17 دولار سنوياً، ويتقاضى الوافدون من مومباي وسطياً 217.16 دولار، ليحتلوا المركز الأول بالنسبة لرواتب المغتربين بالإمارة التي تتمتع بعناصر جذب أخرى كالحياة الاجتماعية النشطة، والخدمات الممتازة والمرافق الترفيهية، وتوفّر عُنصري النظافة والسلامة.
وكشف مسح أجراه بنك إتش إس بي سي، أن ثلاثة وثمانون بالمائة من المغتربين في دبي، يعملون حالياً بدوام كامل، ما يدل على إحراز تقدم مهم عبر إيجاد نموذج اقتصادي متنوع ساعد على خلق بيئة عمل مرغوبة معترف بها دولياً كونها تقوم على بنية تحتية متينة وخدمات عالمية المستوى.
وعليه، تحتل الإمارة المرتبة الثانية عالمياً من حيث مستوى توظيف الوافدين، حيث بلغت نسبة تشغيل المغتربين فيها إلى 92%، لكن التساؤل هنا يدور حول طبيعة الرواتب في دبي.
ما الراتب المناسب للعيش في دبي؟
تختلف الرواتب في دبي باختلاف مؤهلات الشخص وجنسيته وخبرته ومهاراته في التفاوض، وبحسب بيئة وظروف العمل فإن الأسر التي تطلع للانتقال إلى دبي، يجب أن يتراوح الحد الأدنى للراتب بين عشرة آلاف درهم وخمسة عشر آلاف درهم.
وبالنسبة لرواتب المغتربين، تعد مهنة السائق أو العمالة المنزلية أو الحراسة الأمنية، من المجالات التي يتقاضى فيها العاملون أجور ضعيفة رغم كثرة الطلب عليها، وأغلب العاملين فيها من الهند وباكستان والفلبين وإندونيسيا، وتتراوح رواتبهم بين 600 إلى 2000 درهم.
ويبدو قطاع التمريض جاذباً ومطلوباً ولكن رواتبه ليست جيدة تماماً، كما يتقاضى موظفو الاستقبال والأمناء رواتب منخفضة رغم ساعات العمل الطويلة نوعاً ما، ومع ذلك، عند الترقية إلى مساعد شخصي لرئيس شركة كبيرة، يزداد الراتب بنسبة كبيرة، خاصة إذا كان العامل يُجيد اللغتين الإنجليزية والعربية.
وفي مجال الإدارة المتوسطة، يحتل العرب والهنود النسبة الأكبر من إجمالي العاملين، وتتراوح الرواتب بين المتوسط والمقبول، ومع حصول المدراء التنفيذيين على تدريبات مكثفة وجيدة داخل الشركات الكبيرة، سيصل الراتب إلى مستوى مرتفع.
وبمجال التعليم، يتراوح الحد الأدنى لأجر مدرّس في مرحلة الحضانة بين ألفين إلى عشرة آلاف درهم، لكن المدارس التي تعتمد المناهج الأجنبية، أو المدارس الخاصة الموجهة نحو الغرب، فتقع رواتب مُعلّميها في نطاق 5 آلاف إلى 15 ألف درهم، وتختلف الرواتب أحياناً في المدرسة الواحدة تبعاً لجنسية المعلم، ومع ذلك، يتقاضى معلمو المدارس الحكومية ما يصل إلى 30 ألف درهم أو أكثر اعتماداً على مؤهلاتهم وخبراتهم.
سلم الرواتب في الإمارات
في دولة الإمارات، يتراوح متوسط الرواتب بين 13.600 درهم و17.619 درهم، وأقل راتب في الإمارات يبلغ ألف درهم، فيما يصل أعلى سقف للرواتب إلى 90 ألف درهم.
والمهن التي يرتفع فيها سقف الراتب بالدولة، هي رئيس قسم المعلومات، مدير المشروع، مدير العمليات، مدير الموارد البشرية، المدير الإقليمي، والمدير المالي، وخلال هذا العام من المتوقع أن تبلغ نسبة زيادة متوسط الأجور بالإمارات 4.3%، وهي ثاني أعلى نسبة في الخليج، بحسب تقرير روبرت هاف.
بالمقابل، رجحت تقارير أخرى، أن يتجاوز معدل التضخم، زيادة متوسط الرواتب في الإمارات هذا العام، وأشارت أن 15% من الشركات تخطط للاستغناء عن بعض الوظائف.
وبشكل عام، اتجاهات التوظيف في 2018 ستميل نحو المحاسبة والخدمات المالية وتكنولوجيا المعلومات، والموارد القانونية والبشرية، وستكون لها الأولوية على سلم الرواتب في الإمارات، لذا من المرجح أن يمنح أرباب العمل في صناعة التكنولوجيا أكبر زيادة أجور في الإمارات بنسبة 5%.
تغيرات في سوق التوظيف بالإمارات
تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وإعادة تشكيل الشركات وفقا للتقدم التكنولوجي، وأولوية تنمية الأعمال التجارية، جميعها عوامل ستعيد رسم ملامح سوق العمل بالإمارات.
ويرى المدراء التنفيذيون أن التكنولوجيا أعادت تشكيل المنافسة في المنطقة بشكل عام، وفي الوقت الذي تعمل فيه الشركات على تحسين أنظمتها وعملياتها كي تقوى على المنافسة، يتزايد الطلب على الموظفين ذوي المهارات والخبرة.
وأصبح جذب المواهب محور تركيز الشركات الكبيرة والصغيرة في الإمارات للسنوات القليلة القادمة، بما يتماشى مع جهود الدولة للمنافسة على أفضل أداء عالمياً عبر تعزيز التحول التقني والتنويع الاقتصادي بعيداً عن النفط، وفرض نظام ضريبي جديد.
وبات العاملون في مجال الموارد البشرية بمثابة العمود الفقري للشركات الإماراتية، خاصة مع تسارع وتيرة تنفيذ مشاريع التحول الرقمي وتغير طبيعة العمل، ما يتطلب تكثيف التدريب والتطوير في مجال إدارة الموارد البشرية، لمواكبة هذا التقدم وتوظيفه لبناء المستقبل.
ختاماً، التخطيط للعيش بشكل مناسب في دبي على أساس الراتب يتطلب مجاراة التوقعات للواقع، وامتلاك مهارة التفاوض ليس على الراتب فقط، وإنما الامتيازات الأخرى التي باتت ضرورية نوعاً ما، أكثر من كونها مرغوبة.