رغم الانخفاضات التاريخية الحادة التي لحقت بالمؤشر الصناعي الأميركي داو جونز dow jones index خلال أيام قليلة، إلا أنّ الإدارة الأميركية قد صرحت مؤخرًا، أنّها مرتاحة للوضع الاقتصادي الأميركي بشكل عام، معتبرة الانخفاض الحاد المفاجئ لمؤشر داو جونز لا يعني أي اختلاف جوهري في الاقتصاد، وأنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ استلامه لمهامه الرئاسية، يعتني ويهتم بالأسس الاقتصادية ذات الأجل الطويل، والتي تُعد عميقة وصلبة، بحسب المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز.
تحليل داو جونز
وكان مؤشر داو جونز قد سجل في هذا الاسبوع تراجعاً هو الأعلى في تاريخه، إذ انفخض حوالي 1600 نقطة خلال جلسة واحدة، لينتهي إلى انخفاض 1175.21 نقطة بنسبة 4.6%، الأمر الذي سبب صدمة للمستثمرين، فيما أشار العاملون في تحليل مؤشر داو جونز، إلى أنّ هذا الانخفاض الكبير المفاجئ، يعود إلى عاملين أساسيين هما المخاوف من قيام البنك الفدرالي الأميركي برفع معدلات الفائدة على القروض، وثانيهما توقعات بتراجع سريع عن عدد من الصفقات الاقتصادية، نظراً إلى هذه التقلبات السريعة في السوق خلال الفترة الحالية.
وسببت هذه الانخفاضات في مؤشر داو جونز إلى انخفاض في مؤشرات البورصة الأميركية بنسبة 2%، فيما عاد المؤشر وارتفع بشكل ضئيل في اليوم التالي، بنسبة حوالي 2% أيضاً.
ما هو مؤشر داو جونز الصناعي؟
يعتبر مؤشر داو جونز Dow Jones Industrial Average أحد أهم وأقدم المؤشرات الصناعية في أميركا (تم إنشاؤه عام 1896 على يد تشارلز داو)، وهو يحوي أكبر 30 شركة صناعية في البلاد (dow jones companies)، من الشركات المدرجة في بورصتي نيويورك وناسداك. وهناك مؤشر يحمل الاسم نفسه لشركات النقل الأميركية أيضاً.
ويتابع المحللون الاقتصاديون والمستثمرون هذا المؤشر بشكل لحظي، كما يوجد العديد من المحللين المختصين في تحليل حركته، وذلك لأهميته الكبرى والحاسمة في رصد حركة السوق الأميركي، وحركة 30 من أكبر الشركات الصناعية الأميركية، ذات التأثير الحاسم في أسواق الأوراق المالية، الأمر الذي ينبع عنه أهمية المؤشر في تحليل الصورة الاقتصادية بشكل عام، والتي يمكن أن تتأثر عادة بأحداث مثل الأحداث السياسية والكوارث الطبيعية وحوادث الأمن والإرهاب سواءً داخل أو خارج البلاد، وتؤثر على معنويات وقرارات المستثمرين المتابعين للمؤشر في نهاية الأمر.
تداول مؤشر داو جونز
رغم أنه من غير الممكن تداول هذا المؤشر بشكل مباشر، إلا أنه متاح لعدد كبير من المستثمرين حول العالم بطريقة غير مباشرة، مثل صناديق المؤشرات المتداولة، عقود الخيارات، عقود الفروقات والعقود الآجلة.
وتوفّر بورصتي شيكاغو Chicago Mercantile Exchange وChicago Board of Trade، فرصة تداول مؤشر داو جونز عبر مئات آلاف العقود الآجلة يومياً، والتي تعمل لمدة 24 ساعة من الجمعة إلى الاثنين، مع تاريخ صلاحية ينتهي يوم الجمعة الثالث من كل شهر، وهكذا تؤمن هذه العقود الآجلة سيولة عالية للمؤشر نفسه وتوفر فترات تداول أطول من التي توفّرها سوق الأسهم.
وتتراوح أنواع هذه العقود الآجلة بين العقود E-mini Dow (5$)، وتبلغ قيمة العقد منها 5 دولارات فقط مع هامش استثمار مبدئي يبلغ 3575 دولاراً. وأما النوع الثاني DJIA ($10) Futures، تأتي بقيمة 10 دولارات وهامش استثمار مبدئي 7150 دولاراً. وأما ثالث أنواع العقود هو Big Dow DJIA ($25) بقيمة 25 دولاراً وهامش استثمار 17875 دولاراً.
ولشراء أي من هذه العقود الآجلة والتداول في مؤشر داو جونز بشكل غير مباشر، يجب على المستثمر أن ينشئ حساب تداول في شركة وسيطة مرخصة من لجنة تداول العقود الآجلة CFTC، وسيتم سحب رسوم إضافية للشركة الوسيطة عند كل صفقة يقوم بها المستثمر.
أما عقود الفروقات، فهي تسمح للمستثمرين ببيع واستثمار الأدوات المالية دون الحاجة إلى امتلاكها، بالطريقة ذاتها التي يتم تداول هذه العقود في سوق الأسهم. ويقوم بالاستثمار في هذه العقود عادة المستثمرون المبتدئون من أصحاب الحسابات الصغيرة.
تأثير هبوط مؤشر داو جونز!
بينما عاش المستثمرون والقائمون على المؤشر هزة عنيفة بسبب هذا الانحدار المفاجئ في بياناته، وصف محللون ماليون هذه الأحداث بـ الثلاثاء الأسود الجديد، لما سببته من آثار تواصلت لتترك نتائجها في سوق السلع والمعادن والعملات الرقمية الافتراضية أيضاً.
وقد ترك كل ذلك مخاوف من أزمة مالية عالمية جديدة شبيهة بالأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008. عندما واجهت البنوك الأميركية ظروفاً صعبة هددت عدد كبيراً منها بالإفلاس، ولعل أشهرها بنك براذرز ليمان الذي وجّه ضربة قوية للاقتصاد الأميركي بعد أن أشهر إفلاسه.
وقدّ أعلنت وكالة بلومبرغ الاقتصادية، أنّ نتائج يوم الثلاثاء الأسود، كانت ضخمة بحيث قُدّرت بحوالي 1.25 ترليون دولار، فيما انخفضت عمليات البيع في القيمة السوقية لسوق الأوراق المالية الأميركية إلى حوالي 29 ترليون دولار.
وفيما أثارت هذه البيانات قلق المستثمرين، بدت الإدارة الأميركية مطمئنة للمشهد الاقتصادي، وقد بعث البيت الأبيض برسالة تطمينية توضح ارتياحه البالغ تجاه الاقتصاد الأميركي، مع التركيز على حرص الرئيس دونالد ترامب منذ توليه الرئاسة الأميركية، على أسس الاقتصاد طويلة الأجل، والتي ما تزال قوية وراسخة جداً. الأمر الذي ترجمته بيانات عوائد سندات الخزينة الأميركية على أرض الواقع، والتي ارتفعت لأجل 10 سنوات يوم الاثنين الماضي إلى 2.885%، وتصل إلى أعلى مستوياتها منذ 4 أعوام، بزيادة 47 نقطة أساس، رغم عودتها إلى الانخفاض إلى 2.662% يوم الثلاثاء.