أعلنت شركة سفلز للاستشارات العقارية الدولية مؤخراً عن توقعاتها بارتفاع معدل الاستثمارات الشرق أوسطية في لندن ليبلغ 1.38 مليار جنيه إسترليني في عام 2018، وبزيادة تصل إلى 30% على حجم الاستثمارات خلال العام الماضي، فيما ستصل نسبة نمو الاستثمار إلى 0.9% مقارنة بعام 2016.
وقد تضمنت هذه الاستثمارات صفقات مميزة عدة منها استحواذ مجموعة سور كابيتال باستشارة من شركة سفلز على مقسم 23-26 أوستن فرايرز الواقع في منطقة أي سي اللندنية مقابل 39.05 مليون جنيه إسترليني، في أول استثمار للمجموعة داخل المملكة البريطانية.
أما هذه الصفقة فتشمل عائداً أولياً صافياً بنسبة 5.05% أي ما يعادل 700 جنيه إسترليني للقدم المربع الواحد، إضافةً إلى حصول شركة إس أر جي القابضة المحدودة التي تتخذ من دبي مقراً لها، على حقوق الملكية المطلقة للمقر العالمي التابعة لشركة فيكتوريا بيكهام في شارع 202هامرسميث في منطقة لندن دبليو 6 مقابل 16.8 مليون جنيه إسترليني.
كما مثلت سفلز في هذه الصفقة الجهة الاستشارية للشركة البائعة والتي تمتلك تفويضات منفصلة من شركة أبردين ستاندرز إنفستمنتس صاحبة العقار، وتتيح هذه الصفقة عائداً أولياً صافياً بنسبة 4.42% بقيمة رأسمالية تبلغ 1.140 جنيه إسترليني للقدم المربع.
كيف كانت حركة الاستثمارات الشرق أوسطية في لندن؟
شهدت لندن حركة استثمارات ملحوظة من قبل الشركات الشرق أوسطية خلال عام 2018 مقارنة بالأشهر الثمانية عشرة التي أعقبت استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، وقال مدير فريق الاستثمار الخارجي لدى سفلز إن السيولة المالية والقيمة المقارنة والمرونة داخل أسواق لندن تعد عوامل جذب فعال بالنسبة للمستثمرين الذين ينشط العديد منهم ضمن المملكة المتحدة والقارة الأوربية ككل.
كما توقعت الشركة أن تبلغ الاستثمارات الشرق أوسطية في لندن 1.38 مليار جنيه إسترليني أي ما يعادله (1.75 مليار دولار) بزيادة 30% عن نشاط العام الماضي، وقد سجلت المبيعات ارتفاعات بلغت 9% مقارنةً بعام 2016 حيث شملت الصفقات الرئيسية المستثمرة في دبي SRG Holding Limited حصولها على حصة التملك الحر في المقر الرئيسي لشركة Victoria Beckham في شارع هامرسميث ، وذلك مقابل 16.8 مليون جنيه إسترليني.
كما كشفت سافيلز عن وقوفها وراء صور كابيتال ضمن عملية الاستحواذ على أوستن فريارز مقابل 39.05 مليون جنيه استرليني في أول استثمار للمجموعة في المملكة المتحدة.
الاستثمارات الشرق أوسطية في العالم
تحتل لندن المرتبة الأولى من حجم جذب الاستثمارات الشرق أوسطية، فبحسب تقرير “إن أند أوت 2017” للشرق الأوسط والذي أعدته CBRE العاملة في مجال استشارات العقارات التجارية، تبين أن المستثمرين في الشرق الأوسط قد أنفقوا 1.28 مليار جنيه إسترليني على العقارات التجارية في لندن بين نيسان/ أبريل 2016 و2017، في حين نالت مدينة نيويورك المرتبة الثانية في جذب المستثمرين بحجم استثمار بلغ أقل من 625 مليون جنيه إسترليني، ثم تليها واشنطن بحجم استثمار بلغ 357 مليون جنيه.
وتشير البيانات أيضًأ إلى أن شركة “وولف لإدارة الأصول المحدودة” قد استثمرت 266.5 مليون جنيه إسترليني مقابل مبنى “ساوث بانك” الشهير في لندن، والذي يتألف من 20 طابقاً.
لندن الوجهة المفضلة للاستثمار
تتميز لندن بمجموعة من المحفزات جعلتها وجهة الاستثمار المفضلة، ومنها انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني وارتفاع الطلب وعقود الإيجار الطويلة والعائدات القوية، فضلاً عن مكانة لندن كبوابة عالمية لجذب الأموال.
وقد اختارت شركة “نايت فرانك” للعقارات مدينة لندن كأفضل مدينة في العالم بالنسبة إلى الأثرياء العالميين بعد الأخذ بالحسبان عدة عوامل منها نوعية الحياة والأعمال والترفيه، إلا أن هناك مجموعة من العوامل التي تحكم قوة هذا الاستثمار أو ضعفه.
قطر والاستثمار في بريطانيا
تعد الاستثمارات القطرية في مجال العقارات هي الأكثر تصدراً في بريطانيا، حيث تقدر حالياً بنحو 40 مليار جنيه استرليني، وتنوع هذه الاستثمارات القطرية ما بين الغاز الطبيعي المسال إلى خطوط الطيران والبنوك، وأيضاً المجال العقاري حيث تمتلك قطر مساحات كبيرة من العقارات التجارية في قلب لندن من خلال مجموعة كناري وارف، كما أنها تملك 95% من برج شارد أطول ناطحة سحاب في أوروبا، الأمر الذي يكشف ارتباط الطرفان القطري والبريطاني بشبكة من المصالح الاقتصادية والاستثمارية.
وبحسب التقديرات الأخيرة فإن القيمة الإجمالية للاستثمارات القطرية في بريطانيا قد قاربت 40 مليار جنيه إسترليني، لتكون بريطانيا بذلك أكبر وجهة استثمارية منفردة لقطر.
وتشمل تلك الاستثمارات القطرية في لندن متجر هارودز الشهير، والقرية الأولمبية، وحصصا متفاوتة في عدد من الفنادق، مثل سافوي، وإنتركونتننتال، وكلاريدجز.
وبحسب بيانات جمعتها شركة “داتشا” للأبحاث العقارية فإن جهاز قطر للاستثمار يملك 879 عقاراً تجارياً وسكنياً في لندن، كما تعتزم قطر تعزيز استثماراتها ضمن العقارات البريطانية ضمن رؤية تشمل الطاقة والبنية التحتية والخدمات بالإضافة إلى العقارات.
يذكر أن الاستثمارات الشرق أوسطية قد انخفضت في ظل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، مما أثر على انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني، كما أن مستقبل الاستثمارات الشرق أوسطية مرتبط إلى حد كبير بأسعار النفط، ففي حال استمرار تراجع هذه الأسعار فإن سوق الاستثمار في بريطانيا لن يكون قوياً، أما في حال تحقق التوقعات بارتفاعه فإن ذلك حتماً سينعش سوق الاستثمارات الشرق أوسطية في بريطانيا وعلى رأسها الاستثمارات السعودية تليها الإمارات ثم قطر.
ولكن يبقى السؤال هل ستبقى لندن هي المقرالأول للاستثمارات العربية برغم العوامل المؤثرة في ذلك؟ أما الجواب فهو نعم ستبقى، حتى مع انخفاض الاستثمارات على المدى القصير وتسجيل خسائر كبيرة بسبب وجود أحد العوامل المؤثرة، إلا أن الاستثمارات ستعاود الصعود على المدى البعيد والمتوسط في حال ارتفاع أسعار النفط، وتوفر فرص استثمارية، فضلاً عن تبني الحكومة والبنك المركزي لسياسات جذابة للاستثمار الأجنبي.