والت ديزني استطاع تحويل أفلام الرسوم المتحركة إلى شكل من أشكال الفنون المتطورة، فكان أول من أدخل الصوت، الألوان، الكاميرا متعددة الوظائف إلى سينما “الكرتون”، حوّل الاستديو الصغير الخاص به إلى امبراطورية عالمية يديرها بعقلية فريدة وطموح بلا نهاية.
يعتبر من الشخصيات المهمة والمؤثرة خلال القرن العشرين، ترك بصمة خاصة في تاريخ سينما الرسوم المتحركة، ولعب دوراً رئيسياً في تطور صناعة الترفيه.
يشتهر والت ديزني بإنتاج واحدة من أكثر العلامات التجارية شهرة في العالم “ديزني”، ناهيك عن مئات الرسوم المتحركة وأفلام روائية لا تعد ولا تحصى وألعاب لا نهاية لها تحمل اسمه.
وكان يؤمن بأن الأرباح تأتي من الجمع بين الإبداع والابتكار، وأحد الأسباب التي جعلت شركة والت ديزني (على مدى 95 عاماً) تحافظ على سمعتها في تقديم تجربة “سحرية” سلسة لضيوفها في جميع عملياتها من المتنزهات الترفيهية إلى الفنادق والمطاعم وعمليات البيع بالتجزئة، هو امتلاكها رؤية ورسالة فريدة ومتماسكة.
وأخذت شركة والت ديزني على عاتقها مهمة أن تكون واحدة من المنتجين ومقدمي الترفيه والمعلومات الرائدين في العالم. وباستخدام محفظتها من العلامات التجارية للتمييز بين المحتوى والخدمات والمنتجات الاستهلاكية، تسعى إلى تطوير تجارب الترفيه المربحة والأكثر إبداعاً والمنتجات ذات الصلة في العالم.
من هو والت ديزني؟
والتر إلياس ديزني ولد في 5 ديسمبر (كانون الأول) 1901 في بشيكاغو بولاية إلينوي، وهو رجل أعمال أمريكي، ومنتج أفلام رسوم متحركة -تجاوزت 100 فيلم- وممثل صوت، وقدم العديد من التطورات في إنتاج الرسوم الكاريكاتورية بما في ذلك تطوير شخصية ميكي ماوس في عام 1928 والتي تعد أول نجاح له بشعبية كبيرة، كما أنشأ ملاهي ديزني لاند.
بداية مشواره الفني كانت مع الرسم في الجرائد، وبعدها التقى بأب أيوركس وأسس معه شركته الخاصة “كنساس سيتي لدعايات الافلام” التي نشر فيها أول إعلاناتٍ تجارية متعلقة بتقنيات الرسوم المتحركة، ثم قرر بعدها إطلاق شركته الخاصة بالتعاون مع فريد هارمان تحت اسم “لاف-أو-جرام” لإنتاج أفلام الرسوم المتحركة القصيرة، وبعدها أنشأ الاستديو الخاص به بالاسم نفسه.
بحلول عام 1923 ورغم نجاح الاستديو، اضطر ديزني لإعلان إفلاسه بسبب تراكم الديون، وبالتعاون مع أخوه روي وأيوركس، أسس استديو “الإخوة ديزني” وابتكروا شخصية اسمها أوزوالد الأرنب المحظوظ، وتعاقدوا على عرض الأفلام القصيرة مقابل 1500 دولار لكل فيلم.
بعد بضعة أعوام عمل على إصدار ثلاثة رسوم كارتونية من شخصية جديدة كان في البداية اسمها مورتيمر Mortimer ليطلق عليها فيما بعد اسم “ميكي ماوس”.
أفلام ناجحة بعد تجارب وإخفاقات
بدأ عمل والت بالأفلام القصيرة، ثم بعد سنين من التجارب والإخفاقات بدأ نجاحه الفعلي بشخصية ميكي ماوس التي ابتكرها، وأول فلمين لهذه الشخصية كانا صامتين وبالتالي فشل في إيجاد موزعٍ لهم، لكن مع صدور تقنية الصوت في الأفلام، أنتج والت فيلم ستيمبوت ويلي وأدى فيه صوت شخصية ميكي.
ونجح بأن يكون أول من قام بتوظيف الألوان في أفلام الرسوم المتحركة من خلال فيلم “الزهور والأشجار” الذي نال جائزة أوسكار.
وبدأ نجاحه الحقيقي في الأفلام الطويلة في 21 ديسمبر (كانون الأول) 1937 مع فيلم “سنو وايت والأقزام السبعة”، والذي تم عرضه لأول مرة في لوس أنجلوس، ونجح في حصد ثمانية جوائز أوسكار، وبلغت ميزانيته آنذاك نحو 1.5 مليون دولار، وهو رقم كبير قياساً بفترة الكساد التي كانت تمر بها البلاد حينها.
وعلى مدار الخمسة أعوام التالية، أنتج استديو والت ديزني سلسلة من أفلام الرسوم المتحركة الطويلة التي لا تزال ناجحة حتى اليوم، مثل بينوكيو وفانتازيا ثم دمبو وبامبي.
ومع ذلك شهد عام 1941، تراجعاً في أداء الشركة بسبب إضراب الرسامين واستقالة العديد منهم، واستعادت ديزني عافيتها في منتصف الأربعينات بإنتاج مجموعات أفلام قصيرة مُجمعة، كي يتم عرضها بطول مخصص.
وفي الخمسينات، عادت شركة والت ديزني لإنتاج أفلام الرسوم المتحركة الطويلة مرة أخرى، سندريلا (1950) وأليس في بلاد العجائب (1951) وبيتر بان (1953) والنبيلة والشارد (1955) والجميلة النائمة (1959) و101 كلب (1961).
واللافت، أن والت ديزني كان يستخدم أفلامه أحيانًا لدعم حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أنتج أفلامًا لدعم الجيش الأمريكي، ولتشجيع المواطنين على دفع الضرائب المفروضة عليهم.
ديزني لاند
تم افتتاح مدينة ألعاب ديزني لاند لأول مرة في 17 يوليو (تموز) 1955 في أنهايم بكاليفورنيا، وبكلفة بلغت 17 مليون دولار، وكان الممثل رونالد ريغان، الذي ترأس الولايات المتحدة بعد ذلك، مشرفاً على نشاطات المدينة.
وتضاعفت استثمارات المدينة الترفيهية وكانت مركز جذب السياح من جميع أنحاء العالم، ورغم حالات الركود والازدهار التي مرت بها ديزني لاند، لكنها نجحت مع مرور الوقت في التوسع عالمياً، في طوكيو وباريس وهونغ كونغ وشنغهاي.
بعد عدة أعوام من افتتاح ديزني لاند، بدأ والت ديزني في التخطيط لإنشاء حديقة ترفيهية أخرى باسم “النموذج التجريبي لمجتمع الغد” والمعروفة اختصاراً باسم “إيبكوت”، لكن مرضه بسرطان الرئة حال دون أن يشهد افتتاحها إذ توفي في 15 ديسمبر (كانون الأول) 1966 عن عمر يقارب 65 عاماً.
وخلاصة القول، أن عقلية والت وقدرته على الابتكار نجحت في جعل شركة ديزني- مقرها استديوهات والت ديزني في بربانك ، كاليفورنيا- ثاني أكبر تكتل إعلامي في العالم من حيث الإيرادات، بعد كومكاست، وتُدر ما يفوق 43 مليار دولار سنوياً.
كما عملت الشركة تحت أسماء “والت ديزني ستوديو” ثم “والت ديزني للإنتاج”، وباستخدام اسمها الحالي في عام 1986، وسعت نطاق عملياتها الحالية وبدأت أيضاً في التركيز على أقسام المسرح والراديو والموسيقى والنشر ووسائل الإعلام عبر الإنترنت.
ونال والت ديزني الذي قاد الشركة إلى النمو والنجاح ست وعشرين جائزة أوسكار، فيما ترشح لنيل الجائزة تسعاً وخمسين مرة، وحصد جوائز إيمي وأربع جوائز فخرية، ما يجعله الشخص الأَكثر حصولاً على جوائز الأكاديمية في العالم.
ومن أقواله الشهيرة: “الضحك هو أهم صادرات أمريكا”، “ليس ثمة ما هو أكثر تسلية من الإنسان”، “أحببت شخصية ميكي ماوس أكثر من أي امرأة عرفتها في حياتي”.