مع مقتل اللواء قاسم سليماني وجهت إيران تهديداتها إلى أمريكا و دول الخليج لتجدد بذلك مخاطر إقتصادية أبرزها،
تعطيل إمدادات نفطها إلى السوق العالمية. فمن الرابح ومن الخاسر جراء تلك الحرب؟
كيف تأججت الحرب بين أمريكا وإيران
بدأت الحرب الأمريكية الإيرانية بتهديدات أمريكية بمنع إيران من تصدير نفطها، تبعها تحرك عدد من القطع البحرية في اتجاه الخليج،
لترد إيران بإعلانها التراجع عن تنفيذ بعض التزاماتها في الاتفاق النووي
وفي يوم الجمعة 3 ينايرالماضي، استهدفت ضربة جوية لطائرة أمريكية بدون طيار، موكب سليماني،
عقب خروجه من مطار بغداد الدولي، مؤججة المخاوف من تصاعد حدة الصراع في منطقة الخليج،
الأمر الذي قد ينعكس سلبا على أسعار وإمدادات النفط.
الذهب الأسود، الرابح الوحيد
يعتبر تقلُّب سعر النفط من أهمّ التداعيات الاقتصادية للحرب الإيرانية الأميريكية ،
إذ سيتأثَّر سعر النفط بالتحرُّكات القصيرة والطويلة الأجل في الحرب الأميركية الإيرانية على الأراضي العربية.
فقد اقترب سعر النفط لأوّل مرّة من 70 دولاراً للبرميل بعد الإعلان عن مقتل سليماني،
وذلك منذ آخر ارتفاع سجَّله في منتصف سبتمبر من العام الماضي نتيجة للهجوم على منشأتي شركة أرامكو السعودية.
وعند ذكر أسعار النفط بالتزامن مع التشاحن الأميركي الإيراني، لا يمكن تجاهل المخاوف من شنّ هجمات تؤثِّر على إمدادات النفط عبر مضيق هرمز الذي تمرّ عبره ثلث إمدادات النفط في العالم،
لذلك سيبقى هذا الممرّ الاستراتيجي للطاقة رهينة للتصعيد الإيراني الأميركي المستمرّ،
وهو ما جعل أرامكو السعودية تتحرك لدراسة تغيير مسار ناقلاتها من النفط في يناير الماضي.
إيران تهدد بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي https://t.co/b3XF27mWtZ
— صحيفة الشرق الأوسط (@aawsat_News) January 21, 2020
أجواء سوداوية في الخليج
بغض النظر عن حجم وشكل ردود الأفعال الناجمة عن التوترات الجيوسياسية الأخيرة,
فإن مناخ الاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في دول الخليج العربية لا يبشر بالخير.
ومع حشد المزيد من القوات الأمريكية في المنطقة بعد قرار واشنطن، الجمعة ،3 ينايرالماضي ،
بإرسال 3000 جندي أمريكي إضافي إلى المنطقة.
وهو الأمر الذي ينبئ بعمليات عسكرية تزعرع الثقة في العراق والسعودية وقطر وإيران ودول الخليج الأخرى
كمصدر مستقر لإمدادات النفط والغاز بسبب المخاطر التي تحيط بخطوط وطرق نقله إلى مختلف أنحاء العالم.
وقد أظهرت خبرات الأشهر الماضية أن المخاطر المذكورة لا تؤدي فقط إلى ارتفاع الأسعار وحسب،
بل أيضا إلى توقف عمليات الشحن والنقل لأوقات بقيت في حدود أيام معدودة.
وقد جنب اللجوء إلى الاحتياطات النفطية المخزنة من قبل السعودية والولايات المتحدة ودول آخرى حتى الآن حدوث أزمة طويلة الأمد في سوق الطاقة العالمية.
غير أن هذه الأزمة قد تحصل في حال حصلت مواجهات عسكرية تؤدي إلى تعطيل أو توقف الإمدادات والشحن في منطقة الخليج وعبرها ولو لعدة أسابيع.
وفي السعودية تزداد المخاوف من تعرّض آبار ومنشأت نفطية حيوية لضربات عسكرية على غرار تلك التي أصابت شركة أرامكو السعودية في شهر سبتمبر الماضي 2019،
وقد عطلت الضربة التي أصابت الشركة السعودية آنذاك نصف الإنتاج السعودي من النفط لعدة آسابيع.
مخاوف حول برامج الاصلاح الاقتصادي
كانت السعودية وغيرها من دول الخليج قد أعلنوا عن تبني مجموعة من برامج الإصلاح الاقتصادي،
والتي من أهم سماتها خفض مخصصات الدعم، وتقليل العمالة بالحكومة والقطاع العام، وكذلك خصخصة بعض المرافق العامة.
ولكن في ضوء تصاعد الصراع الخليجي مع إيران، يتوقع أن تؤجل دول الخليج الدخول بعمق في هذه البرامج،
من أجل الحفاظ على وحدة الداخل، فتنفيذ هذه الإجراءات الخاصة بتخفيض الدعم
وباقي الإجراءات التي تحمل المواطن بأعباء اقتصادية واجتماعية،
سيثير حفيظة المواطنين، ويزيد من حالة عدم الرضا على الحكومات الخليجية.
ولذلك يتوقع أن تؤجل بعض هذه الإجراءات لأجل غير مسمى، أو لحين تسمح الأجواء بتقليص الخلافات ودوائر الصراع مع إيران بشكل واضح. وحتى يتحقق هذا الأمر فإن اقتصاديات الخليج سوف تتكبد المزيد من السحب من احتياطياتها النقدية،
وكذلك تسييل بعض استثماراتها الخارجية، وهو ما سيجعل من الوضع الاقتصادي لدول الخليج أمرًا في غاية الصعوبة خلال المرحلة المقبلة.
أزمة بترولية متوقعة
كان طهران قد هددت مؤخرا بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، مؤكدة أنها إن لم تتمكن من تصدير نفطها للخارج فلن يصدر أحد من دول المنطقة نفطه عن طريق هرمز.
وبحسب هادي افقهي الخبير في الشؤون الإيرانية فإن الولايات المتحدة فشلت في خنق إيران بالعقوبات الاقتصادية المتتالية
ما دفعها لسلوك طريق آخر وهو التلويح بالتصعيد العسكري من خلال تحريك عدد من القطع البحرية إلى الخليج،
لكنه أكد على أن الأمر لن يتجاوز التهديدات فالحل العسكري غير وارد “لأن المنطقة برمتها ستتضرر بشدة”
ورغم تعهد السعودية والإمارات للولايات المتحدة بتعويض النقص الذي قد يحدث من منع إيران تصدير البترول
إلا أن أفقهي يرى أنه أمر غير منطقي ولن يحدث “فإيران تنتج يومياً مليون و 300 ألف برميل بترول وفق تعهداتها لأوبك،
فكيف يمكن لهاتين الدولتين مضاعفة إنتاجها لتصل إلى هذا الرقم” متوقعاً أن تحدث أزمة كبرى في سوق البترول العالمي جراء ذلك.