إن إنشاء خط قطار الخليج والذي يعتبر كسكة الحديدية في دول مجلس التعاون الخليجي يتطلب التزاماً مالياً ودرجة عالية من التعاون بين الحكومات
ولكن الفوائد التي ستحققها على الصعيد اللوجستي والبيئي يفوق بكثير تلك الجهود والالتزامات .
وعلى الرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي تأخرت عن معظم المناطق الأخرى فيما يتعلق بتطوير شبكة السكك الحديدية،
ولكنها بدأت منذ سنوات بإنشاء ما يسمى بقطار الخليج.
ماهو قطار الخليج؟
هو مشروع إنشاء سكك حديدية تربط دول مجلس التعاون الخليجي،
وهو من المشاريع المهمة والكبيرة التي سعى لها قادة دول الخليج بهدف نقل المواطنين وتعزيز تواصلهم الاجتماعى وزيادة حركة النقل التجارى وانسيابه بين دول المجلس.
ويبدأ مسار الخط الحديدي الخليجي من مدينة الكويت، مرورًا بالدمام السعودية إلى مملكة البحرين،
عن طريق الجسر المقترح إنشاؤه الموازي لجسر الملك فهد، ومن مدينة الدمام إلى دولة قطر عن طريق منفذ سلوى،
وكذلك سيربط دولة قطر مع مملكة البحرين عبر جسر قطر-البحرين المقرر إنشاؤه بينهما،
ومن السعودية مرورًا بمنفذ البطحاء إلى دولة الإمارات العربية المتحدة (أبوظبي-العين)، ومن ثم إلى سلطنة عُمان، عبر صحار إلى مسقط.
الأهمية الكبرى لمشروع قطار الخليج
1- على صعيد حماية البيئة
كما هو معروف، تعتبر وسيلة الشحن البري الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود .
وبحسب تقرير فروست أند سوليفان الاستراتيجي حول قطاع السكك الحديدية في دول مجلس التعاون الخليجي،
فإن السكك الحديدية تستخدم طاقة أقل بحوالي 60-80 في المئة في كل كيلومتر، وتسبب انبعاثات كربونية أقل بنسبة 80 في المئة من وسائل النقل البري .
وتشير التقديرات إلى أن قطارات الشحن على خط السكك الحديدية بين الشمال والجنوب في المملكة العربية السعودية
سوف تحمل 15000 طن، وتضم 155 عربة، لتستبدل بذلك نمو 600 شاحنة على الطرق السريعة الداخلية،
مما يسهم في الحد من التلوث وأخطار الحوادث الطرقية .
#قطار_الخليج سيكون بطول ٢١١٧ كم وبسرعة ٢٢٠ كم / ساعة للركاب وسرعة ١٢٠ كم / ساعة لنقل البضائع بين دول الخليج pic.twitter.com/RRXHGEXSaB
— مشاريع السعودية (@SaudiProject) August 12, 2015
2- على الصعيد الإقتصادي
حيث سيعمل على تنمية الاقتصاد الخليجي، وبمجرد تشغيله، سيعمل على على توفير أكثر من 80 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة كما ستوفر مشاريع السكك الحديدية بدول مجلس التعاون بيئة استثمارية خصبة للقطاع الخاص للاستثمار من خلال الإنشاء والتشغيل والصيانة، وإنشاء مصانع مساندة لمتطلبات المشروع.
ويسهم المشروع أيضًا في ربط المدن الصناعية وشركات البترول الوطنية بشبكات السكك الحديدية، وتوفير وسيلة نقل مستدامة لمنتجات الصناعات والمشتقات البترولية.
3- على الصعيد السياسي
تواجه دول مجلس التعاون الخليجي الحقائق الجغرافية السياسية التي تتطلب منها تأمين ممرات بديلة لوارداتها الرئيسية النفط والغاز وهنا أيضا،
يمكن أن تكون السكك الحديدية ذات فائدة حقيقية،حيث أن الوضع الراهن المرتبط بموقف إيران والقلق من التضييق على حرية الوصول إلى مضيق هرمز،
وهو الممر المائي الذي تستخدمه دول مجلس التعاون الخليجي لنقل النفط الخام، والذي يمثل 20 في المئة من تجارة النفط في العالم.
وكذلك التحدي المتعلق بانتشار القراصنة في خليج عدن،
لماذا تم تأجيل المشروع؟
كان من المقررالإنتهاء من المرحلة الأولى للمشروع في عام 2018، ولكن بدلا من ذلك ،
قررت دول مجلس التعاون الخليجي تأجيل العمل بمشروع السكك الحديدية “القطار الخليجي” إلى 2021 كمرحلة أولى.
ويرجع هذا التأجيل لعد أسباب:
- رغبة من اللجنة في تنفيذ المشروع على أعلى المواصفات الفنية العالمية، التي تناسب تنفيذ وتشغيل سكة الحديد في دول المجلس.” وهو السبب المعلن”
- إن نقص التمويل يعد العائق الرئيسي لتنفيذ المشروع، وذلك نتيجة بدء تدهور أسعار النفط أواخر عام 2014، ونجم عن ذلك قيام الحكومات الخليجية خلال السنوات الثلاث الماضية بتقليص ميزانياتها ومراجعة خططها المتعلقة بالمصروفات الرأسمالية.
- كانت ثلاثا من دول مجلس التعاون لم تحقق أي تقدم في مشروع السكك الحديدية الموحدة” وهم الكويت وعمان وقطر”
وفي الواقع، ليس من السهل على دول صغيرة المساحة مثل قطر والكويت والبحرين أن تبرر تخصيص رؤوس أموال ضخمة لبناء وصيانة السكك الحديدية، خصوصا وأنهم قد يضطرون لنزع الملكيات من أصحاب الأراضي المزمع تنفيذ المشروع عليها.
إنشاء سكك حديدية بين #الدمام و #الجبيل و #رأس_الخير وربطها مستقبلًا بمشروع #قطار_الخليج المنتظر pic.twitter.com/jqQUNGFvOv
— مشاريع السعودية (@SaudiProject) March 2, 2019
هل سنفاجئ بإعلان تأجيل قطار الخليج مرة أخرى؟
في الواقع، لن تكون مفاجأة، حيث إن الموعد الذي تم تحديده في 2021،
هو موعد طموح للغاية وقد لا يتم التسليم قبل عام 2025، خاصة وأن السبب الرئيسي في التأجيل الأولي كان بسبب إنخفاض أسعار النفط،
ونحن نرى الآن التدهور الذي تشهده أسعار النفط، بسبب الفيروس الجديد والمخاطر الجيوسياسية ،
ويتوقع كثير من المحللين أن تظل أسعار النفط في تخبط حتى منتصف العام الجاري.
ولكن نأمل أن تعود أسعار النفط إلى ما كانت عليه قبل عام 2014،
لكي تتمكن دول الخليج من تأمين السيولة الكافية لتنفيذ هذا المشروع الضخم،
أو أن تسعى لإيجاد حلولا أخرى تسهم في تسريع التطبيق.