في الساعات الأولى من صباح يوم السبت (11 يناير 2020)، أعلنت سلطنة عمان رسمياً وفاة السلطان قابوس بن سعيد، الذي أمضى في الحكم نحو 50 عاماً، أسس خلالها السلطنة الحديثة ونسج علاقات محلية ودولية متينة، والتحم مع شعبه التحاماً واضحاً. فكيف تلقى العالم هذا النبأ؟ وما أبرز التحديات التي تواجه القيادة العمانية الجديدة؟
عمان تعلن قيادتها الجديدة
وخلال ساعات من الإعلان أقيمت مراسم الجنازة والدفن، وكان الانتقال السلس والهادئ والسريع للسلطة من الراحل قابوس إلى السلطان الجديد هيثم بن طارق آل سعيد، بعد ساعات قليلة من إعلان وفاته فقط محط تقدير من كافة المتابعين للشأن الداخلي في عمان والخليج بوجه عام. وانتقلت بذلك السلطة إلى سلطان جديد، ليكون يوماً تاريخياً من أيام السلطنة، التي تعد من أبرز الدول العربية استقراراً وأماناً وسلاماً في الداخل والخارج.
وبما أن السلطان الجديد واحد ممن كانوا مقربين من السلطان قابوس وأحد ممثليه الخاصين في بعثات خارجية؛ فهو يعرف نهجه السياسي جيداً، وقواعده الدبلوماسية من السلام والوئام على المستويات والأصعدة كافة في الداخل والخارج.
وفي خطاب تنصيبه أكد السلطان هيثم بن طارق، المضي قدماً على النهج السامي للسلطان قابوس بن سعيد في تطوير السلطنة وتقدُّمها.
كما أكد السلطان الجديد تمسُّكه بالحفاظ على عدم التدخل في شؤون الدول المجاورة، مشدداً على دفع مسيرة التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وعلى صعيد السياسة الخارجية أكد استمراره في دعم جامعة الدول العربية وتحقيق أهدافها، والنأي بهذه المنطقة عن الصراعات.
من الخطاب السامي الأول لجلالة السلطان #هيثم_بن_طارق_ال_سعيد حفظه الله ورعاه متحدثاً عن جلالة المغفور له بإذن الله السلطان #قابوس_بن_سعيد_بن_تيمور رحمه الله .#هيثم_بن_طارق_ال_سعيد #قابوس_بن_سعيد_في_ذمة_الله #الوصال pic.twitter.com/4EWT2U1OGf
— Al Wisal – الوصال (@al_wisal) January 12, 2020
جديرٌ ذكره أن السلطان هيثم كان يشغل منصب وزير التراث والثقافة العماني، منذ عام 2002، ويعتبر أحد أركان الدولة، وهو من مواليد عام 1954، عمِل إلى جانب منصبه كوزير للتراث والثقافة مبعوثاً خاصاً للسلطان الراحل، كما سبق أن عمِل أميناً عاماً لوزارة الخارجية، وكان في منصب رئيس لجنة رؤية 2040 التنموية، كما سبق أن تولى رئاسة الاتحاد العماني لكرة القدم؛ بين عامي 1983 و1986، ورئاسة اللجنة المنظمة لـدورة الألعاب الآسيوية الشاطئية الثانية التي أقيمت في مسقط عام 2010، كما كان رئيساً فخرياً لجمعية الصداقة العمانية – اليابانية.
تحديات اقتصادية تنتظر السلطان الجديد
صحيح أن الاقتصاد العماني بدأ يتعافى إلى حد ما من تداعيات الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط عالمياً، إلا أنه تعافٍ مشوب بالخطر؛ لأن هذا التعافي يعتمد بشكل كبير على تطورات أسعار النفط التي تتأثر بعوامل اقتصادية تتمثل في العرض والطلب العالمي، وتعافي الاقتصاد العالمي ومخزونات النفط، وحجم التطور في قطاع الطاقة البديلة والتقدم التكنولويجي، بالإضافة إلى العوامل الجيوسياسية، وهي جميعها عوامل خارجية تؤثر علي الاقتصاد العماني ولا يستطيع أن يؤثر فيها. لذا تواجه السلطان الجديد عدة تحديات إقتصادية:
-
مواصلة سياسة التعمين
إن سياسة التعمين هي مفتاح نجاح رؤية 2040؛ وهي عملية بناء قدرة المواهب المحلية من أجل استبدال الخبرة والعمالة الأجنبية، التي عادة ما تكون مكلفة. وقد تم تطبيق هذه السياسة لبعض الوقت لكن بمستويات مختلفة من النجاح. وقد طورت سلطنة عُمان تحت مظلة حكم قابوس نظامًا تعليميًّا جيدًا؛ لكن البلد ما زال لا ينتج ما يكفي من الأشخاص الذين يتمتعون بالتعليم والمهارات في المجالات التي تهمه. ويجادل البعض بأنه في الجيش يتم إنفاق كثير من المال على القوى العاملة الأجنبية. وهي من القضايا التي سيتعين على السلطان الجديد أن يفكر فيها للمستقبل.
-
معالجة مشكلة البطالة
فملف التوظيف الذي بلغ درجة من التورم تستدعي معالجات عاجلة ومقاربات جريئة، وحلولاً غير تقليدية.
-
التنويع الإقتصادي
تواجه السلطنة، شأنها شأن البحرين، الخطر الاقتصادي الأكبر بين دول مجلس التعاون الخليجي في حال تعثّر أسعار النفط. لذلك اتبعت عمان، وهي الدولة غير العضو في منظمة أوبك OPEC الدولية، خطة تنمية اقتصادية تهدف إلى توسيع قطاعات السياحة والصناعة وصيد الأسماك والزراعة واستغلال المناطق الحرة، في محاولة لخفض مساهمة القطاع النفطي في الاقتصاد من 46% إلى 9% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020، للتعامل مع احتياطها المتضائل. وفقاً لتقرير نشره مجلس السياحة والسفر العالمي، فقد جذب قطاع السفر والسياحة في عمان استثمارات بلغت 662 مليون دولار العام الماضي، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع بنسبة 11.7% هذا العام. وإذا كانت الرؤية والطموح موجودَين، فإن على القيادة الجديدة الآن تحويلهما إلى حقيقة واقعة.